وقوعها فيما بينهن مع اختصاص بعضها بهن على ما سمعت أولا * (فبايعهن) * بضمان الثواب على الوفاء بهذه الأشياء، وتقييد مبايعتهن بما ذكر من مجيئهن لحثهن على المسارعة إليها مع كما الرغبة فيها من غير دعوة لهن إليها * (واستغفر لهن الله) * زيادة على ما في ضمن المبايعة من ضمان الثواب * (إن الله غفور رحيم) * أي مبالغ جل شأنه في المغفرة والرحمة فيغفر عز وجل لهن ويرحمهن إذا وفين بما باعن عليه؛ وهذه الآية نزلت - على ما أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل - يوم الفتح فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال على الصفا. وعمر رضي الله تعالى عنه يبايع النساء تحتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء أنه عليه الصلاة والسلام بايع أيضا بنفسه الكريمة.
أخرج الإمام أحمد. والنسائي. وابن ماجه. والترمذي وصحهه. وغيرهم عن أميمة بنت رقية قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لنبايعه فأخذ علينا ما في القرآن أن لا نشرك بالله شيئا حتى بلغ * (ولا يعصينك في معروف) * فقال: " فيما استطعن وأطقن قلنا: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا يا رسول الله ألا تصافحنا؟ قال: إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ".
وأخرج سعيد بن منصور. وابن سعد عن الشعبي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بايع النساء وضع على يده ثوبا؛ وفي بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم يبايعهن وبين يديه وأيديهن ثوب قطوى، ومن يثبت ذلك يقول بالمصافحة وقت المبايعة، والأشهر المعول عليه أن لا مصافحة، أخرج ابن سعد. وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه ثم يغمس أيديهن فيه؛ وكأن هذا بدل المصافحة والله تعالى أعلم بصحته. / جسم] والمبايعة وقعت غير مرة ووقعت في مكة بعد الفتح وفي المدينة؛ وممن بايعنه عليه الصلاة والسلام في مكة هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، ففي حديث أسماء بنت يزيد بن السكن كنت في النسوة المبايعات وكانت هند بنت عتبة في النساء فقرأ صلى الله عليه وسلم عليهن الآية فلما قال: * (على أن لا يشركن بالله شيئا) * قالت هند: وكيف نطمع أن يقبل منا ما لم يقبله من الرجال؟ يعني أن هذا بين لزومه فلماقال * (ولا يسرقن) * قالت: والله إني لأصيب الهنة من مال أبي سفيان لا يدري أيحل لي ذلك؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر هو لك حلال؛ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفها فقال لها: وإنك لهند بنت عتبة؟ قالت: نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك، فقال: ولا * (يزنين) * فقالت: أو تزني الحرة؟ تريد أن الزنا في الإماء بناءا على ما كان في الجاهلية من أن الحرة لا تزني غالبا وإنما يزني في الغالب الإماء، وإنما قيد بالغالب لما قيل: إن ذوات الريات كن حرائر، فقال: * (ولا يقتلن أولادهن) * فقالت: ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا - تعني ما كان من أمر ابنها حنظلة بن أبي سفيان فإنه قتل يوم بدر - فضحك عمر حتى استلقى وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم - وفي رواية - أنها قالت: قتلت الآباء وتوصينا بالأولاد؟! فضحك صلى الله عليه وسلم، فقال: * (ولا يأتين ببهتان) * فقالت: والله إن البهتان لأمر قبيح ولا يأمر الله تعالى إلا بالرشد ومكارم الأخلاق، فقال: * (ولا يعصينك في معروف) * فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء وكأن هذا منها دون غيرها من النساء لمكان أم حبيبة رضي الله تعالى عنها من رسول الله