صناب. وأقط. وسمن وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها أو تدخلها بيتها حتى أرسلت إلى عائشة رضي الله تعالى عنها أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا فسألته فأنزل الله تعالى: * (لا ينهاكم الله) * الآية فأمرها أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها.
وقتيلة هذه - على ما في التحرير - كانت امرأة أبي بكر رضي الله تعالى عنه فطلقها في الجاهلية وهي أم أسماء حقيقة، وعن ابن عطية أنها خالتها وسمتها أما مجازا، والأول هو المعول عليه، وقال الحسن. وأبو صالح: نزلت الآية في خزاعة. وبني الحرث بن كعب. وكنانة. ومزينة. وقبائل من العرب كانوا صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه، وقال قرة الهمداني. وعطية العوفي: نزلت في قوم من بني هاشم منهم العباس.
وعن عبد الله بن الزبير أنها نزلت في النساء والصبيان من الكفرة، وقال مجاهد: في قوم بمكة آمنوا ولم يهاجروا فكان المهاجرون والأنصار يتحرجون من برهم لتركهم فرض الهجرة، وقيل: في مؤمنين من أهل مكة وغيرها أقاموا بين الكفرة وتركوا الهجرة - أي مع القدرة عليها - وقال النحاس. والثعلبي: نزلت في المستضعفين من المؤمنين الذين لم يستطيعوا الهجرة، والأكثرون على أنها في كفرة اتصفوا بما في حيز الصلة، وعلى ذلك قال الكيا: فيها دليل على جواز التصدق على أهل الذمة دون أهل الحرب وعلى وجوب النفقة للأب الذمي دون الحربي لوجوب قتله، ويخطر لي أني رأيت في الفتاوى الحديثية لابن حجر عليه الرحمة الاستدلال بها على جواز القيام لأهل الذمة لأنه من البر والإحسان إليهم ولم ننه عنه، لكن راجعت تلك الفتاوى عند كتابتي هذا البحث فلم أظفر بذلك، ومع هذا وجدته نقل في آخر الفتاوى الكبرى في باب السير عن العز بن عبد السلام أنه لا يفعل القيام لكافر لأنا مأمورون بإهانته وإظهار صغاره فإن خيف من شره ضرر عظيم جاز لأن التلفظ بكلمة الكفر جائز للإكراه فهذا أولى، ولم يتعقبه بشيء، ثم إن في كون القيام من البر مطلقا ترددا، وتخصيص العز جواز القيام للكافر بما إذا خيف ضرر عظيم مخالف لقول ابن وهبان من الحنفية: وللميل أو للمال يخدم كافر * وللميل للإسلام لو قام يغفر ومن الناس من يجعل كل مصلحة دينية كالميل للإسلام لكن بشرط أن لا يقصد القائم تعظيما، والله تعالى أعلم، ونقل الخفاجي عن " الدر المنثور " أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: * (اقتلوا المشركين) * الآية، والاستدلال بها على ما سمعت بتقدير عدم النسخ إن تم إنما يتم على بعض الأقوال فيها.
* (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولائك هم الظالمون) *.
* (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم) * كمشركي مكة، فإن بعضهم سعوا في إخراج المؤمنين. وبعضهم أعانوا المخرجين * (أن تولوهم) * بدل من الموصول بدل اشتمال أيضا أي إنما ينهاكم سبحانه عن أن تتولوهم * (ومن يتولهم فأولائك هم الظالمون) * لوضعهم الولاية موضع العداوة؛ أو هم الظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب، وفي الحصر من المبالغة ما لا يخفى.
* (ياأيها الذين ءامنوا إذا جآءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وءاتوهم مآ أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذآ ءاتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسالوا مآ أنفقتم وليسالوا مآ أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم) *.
* (ياأيها الذين ءامنوا) * بيان لحكم من يظهر الإيمان بعد بيان حكم فريقي الكافرين * (إذا جآءكم المؤمنات) * أي بحسب الظاهر * (مهاجرات) * من بين الكفار، وقرىء * (مهاجرات) * بالرفع على البدل من * (المؤمنات) * فكأنه قيل: إذا جاءكم * (مهاجرات) * * (فامتحنوهن) * فاختبروهن بما يغلب. على ظنكم موافقة قلوبهم لألسنتهن في الإيمان.