سورة الحشر قال البقاعي: وتسمى سورة - بني النضير - وأخرج البخاري. وغيره عن ابن جبير قال: قلت لابن عباس سورة الحشر، قال: قل: سورة بني النضير، قال ابن حجر: كأنه كره تسميتها بالحشر لئلا يظن أن المراد به يوم القيامة وإنما المراد ههنا إخراج بني النضير.
وهي مدنية، وآيها أربع وعشرون بلا خلاف، ومناسبتها لماق بلها أن في آخر تلك * (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) * (المجادلة: 21) وفي أول هذه * (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب) * (الحشر: 2) وفي آخر تلك ذكر من حاد الله ورسوله، وفي أول هذه ذكر من شاق الله ورسوله، وأن في الأولى ذكر حال المنافقين واليهود وتولى بعضهم بعضا، وفي هذه ذكر ما حل باليهود وعدم إغناء تولى المنافقين إياهم شيئا، فقد روي أن بني النضير كانوا قد صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يكونوا عليه ولا له فلما ظهر يوم بدر قالوا: هو النبي الذي نعت في التوراة لا ترد له راية فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة فحالفوا عليه قريشا عند الكعبة فأخبر جبريل عليه السلام الرسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فأمر بقتل كعب فقتله محمد بن سلمة غيلة وهو عروس بعد أن أخذ بفود رأسه أخوه رضاعا أبو نائلة سلكان بن سلامة أحد بني عبد الأشهل، وكان عليه الصلاة والسلام قد اطلع منهم على خيانة حين أتاهم يستعينهم في دية المسلمين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري عند منصرفه من بئر معونة فهموا بطرح الحجر عليه صلى الله عليه وسلم فعصمه الله تعالى؛ وبعد أن قتل كعب بأشهر على الصحيح لا على الأثر كما قيل: أمر صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم وكان ذلك سنة أربع في شهر ربيع الأول وكانوا بقرية يقال لها: الزهرة فسار المسلمون معه عليه الصلاة والسلام وهو على حمار مخطوم بليف.
وقيل: على جمل واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم حتى إذا نزل صلى الله عليه وسلم بهم وجدهم ينوحون على كعب، وقالوا: ذرنا نبكي شجونا ثم ائتمر أمرك فقال: اخرجوا من المدينة فقالوا: الموت أقرب لنا من ذلك فتنادوا بالحرب، وقيل: استمهلوه عليه الصلاة والسلام عشرة أيام ليتجهزوا للخروج ودس المنافقون عبد الله بن أبي وأضرابه إليهم أن لا يخرجوا من الحصن فإن قاتلوكم فنحن معكم ولننصرنكم وإن أخرجتم لنخرجن معكم فدربوا على الأزقة وحصنوها ثم أجمعوا على الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أخرج في ثلاثين من أصحابك ويخرج منا ثلاثون ليسمعوا منك فإن صدقوك آمنا كلنا ففعل فقالوا: كيف نفهم ونحن ستون أخرج في ثلاثة ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا ففعل عليه الصلاة والسلام فاشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك فأرسلت امرأة منهم ناصحة إلى أخيها وكان مسلما فأخبرته بما أرادوا فأسرع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فساره بخبرهم قبل أن يصل إليهم فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم - على ما قال ابن هشام في سيرته - ست ليال، وقيل: إحدى وعشرين ليلة فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين فطلبوا الصلح فأبى عليه الصلاة والسلام عليهم إلا الجلاء على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من المتاع فجلوا إلى الشام إلى أريحاء وأذرعات إلا أهل بيتين منهم آل سلام