علام تشتمني أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل فقال له: فعلت فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه - فنزلت، والله تعالى أعلم بصحته.
وعبد الله هذا هو الرجل المبهم في الخبر الأول، وهو ابن نبتل بفتح النون وسكون الباء الموحدة وبعدها تاء مثناة من فوق ولام ابن الحرث بن قيس الأنصاري الأوسي ذكره ابن الكلبي. والبلاذري في المنافقين، وذكره أبو عبيدة في الصحابة فيحتمل كما قال ابن حجر: إنه اطلع على أنه تاب، وأما قوله في " القاموس ": عبد الله بن نبيل - كأمير - من المنافقين فيحتمل أنه هو هذا، واختلف في ضبط اسم أبيه ويحتمل أنه غيره.
* (أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم سآء ما كانوا يعملون) *.
* (أعد الله لهم) * بسبب ذلك * (عذابا شديدا) * نوعا من العذاب متفاقما * (إنهم سآء ما كانوا يعملون) * ما اعتادوا عمله وتمرنوا عليه.
* (اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين) *.
* (اتخذوا أيمانهم) * الفاجرة التي يحلفون بها عند الحاجة * (جنة) * وقاية وسترة عن المؤاخذة، وقرأ الحسن - إيمانهم - بكسر الهمزة أي إيمانهم الذي أظهروه للنبي صلى الله عليه وسلم وخلص المؤمنين؛ قال في " الإرشاد ": والاتخاذ على هذا عبارة عن التستر بالفعل كأنه قيل: تستروا بما أظهروه من الإيمان عن أن تستباح دماؤهم وأموالهم، وعلى قراءة الجمهور عبارة عن إعدادهم لأيمانهم الكاذبة وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويخلصوا عن المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية، وعن سببها أيضا كما يعرب عنه الفاء في قوله تعالى: * (فصدوا) * أي الناس.
* (عن سبيل الله) * في خلال أمنهم بتثبيط من لقوا عن الدخول في الإسلام وتضعيف أمر المسلمين عندهم، وقيل: فصدوا المسلمين عن قتلهم فإنه سبيل الله تعالى فيهم، وقيل: * (صدوا) * لازم، والمراد فأعرضوا عن الإسلام حقيقة وهو كما ترى * (فلهم عذاب مهين) * وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم، وقيل: الأول عذاب القبر وهذا عذاب الآخرة، ويشعر به وصفه بالإهانة المقتضية للظهور فلا تكرار.
* (لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولائك أصحابالنار هم فيها خالدون) *.
* (لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولائك أصحابالنار هم فيها خالدون) * قد سبق مثله في سورة آل عمران، وسبق الكلام فيه فمن أراده فليرجع إليه.
* (لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولائك أصحابالنار هم فيها خالدون) *.
* (يوم يبعثهم الله جميعا) * تقدم الكلام في نظيره غير بعيد * (فيحلفون له) * أي لله تعالى يومئذ قائلين: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * (الأنعام: 23) * (كما يحلفون لكم) * في الدنيا أنها مسلمون مثلكم، والتشبيه بمجرد الحلف لهم في الدنيا وإن اختلف المحلوف عليه بناءا على ما قدمنا من سبب النزول * (ويحسبون) * في الآخرة * (أنهم) * بتلك الأيمان الفاجرة * (على شيء) * من جلب منفعة أو دفع مضرة كما كانوا عليه في الدنيا حيث كانوا يدفعون بها عن أرواحهم وأموالهم ويستجرون بها فوائد دنيوية * (ألا إنهم هم الكاذبون) * البالغون في الكذب إلى غاية ليس وراءها غاية حيث تجاسروا على الكذب بين يدي علام الغيوب، وزعموا أن أيمانهم الفاجرة تروج الكذب لديه عز وجل كما تروجه عند المؤمنين.
* (استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولائك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) *.
* (استحوذ عليهم الشيطان) * أي غلب على عقولهم بوسوسته وتزيينه حتى اتبعوه فكان مستوليا عليهم، وقال الراغب: الحوذ أن يتبع السائق حاذي البعير أي أدبار فخذيه فيعنف في سوقه يقال: حاذ الإبل يحوذها أي ساقها