تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٥
وقرأ نافع. وابن عامر * (ورسلي) * بفتح الياء.
* (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا ءابآءهم أو أبنآءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أول‍ائك كتب فى قلوبهم الإيم‍ان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جن‍ات تجرى من تحتها الانه‍ار خ‍الدين فيها رضى الله عنهم ورضوا عنه أول‍ائك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) *.
* (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوآدون من حاد الله ورسوله) * خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد يصلح له، و * (تجد) * إما متعد إلى اثنين فقوله تعالى: * (يوادون) * الخ مفعوله الثاني، وإما متعد إلى واحد فهو حال من مفعوله لتخصصه بالصفة، وقيل: صفة أخرى له أي قوما جامعين بين الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر وبين موادة أعداء الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وليس بذاك، والكلام على ما في " الكشاف " من باب التخييل خيل أن من الممتنع المحال أن تجد قوما مؤمنين يوادون المشركين، والغرض منه أنه لا ينبغي أن يكون ذلك وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال مبالغة في النهي عنه والزجر عن ملابسته والتصلب في مجانبة أعداء الله تعالى، وحاصل هذا على ما في " الكشف " أنه من فرض غير الواقع واقعا محسوسا حيث نفى الوجدان على الصفة، وأريد نفي انبغاء الوجدان على تلك الصفة فجعل الواقع نفي الوجدان، وإنما الواقع نفي الانبغاء فخيل أنه هو فالتصوير في جعل ما لا يمتنع ممتنعا، وقيل: المراد لا تجد قوما كاملي الإيمان على هذه الحال، فالنفي باق على حقيقته، والمراد بموادة المحادين موالاتهم ومظاهرتهم، والمضارع قيل: لحكاية الحال الماضية، و * (من حاد الله ورسوله) * ظاهر في الكافر؛ وبعض الآثار ظاهر في شموله للفاسق، والأخبار مصرحة بالنهي عن موالاة الفاسقين كالمشركين بل قال سفيان: يرون أن الآية المذكورة نزلت فيمن يخالط السلطان، وفي حديث طويل أخرجه الطبراني. والحاكم. والترمذي عن واثلة بن الأسقع مرفوعا " يقول الله تبارك وتعالى: وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي ". وأخرج أحمد. وغيره عن البراء بن عازب مرفوعا " أوثق الإيمان الحب في الله والبغض في الله ".
وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تجعل لفاجر - وفي رواية - ولا لفاسق علي يدا ولا نعمة فيوده قلبي فإني وجدت فيما أوحيت إلي * (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله) * " وحكى الكواشي عن سهل أنه قال: من صحح إيمانه وأخلص توحيده فإنه لا يأنس إلى مبتدع ولا يجالسه ولا يؤاكله ولا يشاربه ولا يصاحبه ويظهر له من نفسه العداوة والبغضاء، ومن داهن مبتدعا سلبه الله تعالى حلاوة السنن، ومن تحبب إلى مبتدع يطلب عز الدنيا أو عرضا منها أذله الله تعالى بذلك العز وأفقره بذلك الغنى، ومن ضحك إلى مبتدع نزع الله تعالى نور الإيمان من قلبه، ومن لم يصدق فليجرب انتهى.
ومن العجيب أن بعض المنتسبين إلى المتصوفة - وليس منهم ولا قلامة ظفر - يوالي الظلمة بل من لا علاقة له بالدين منهم وينصرهم بالباطل ويظهر من محبتهم ما يضيق عن شرحه صدر القرطاس، وإذا تليت عليه آيات الله تعالى وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم الزاجرة عن مثل ذلك يقول: سأعالج قلبي بقراءة نحو ورقتين من كتاب المثنوي الشريف لمولانا جلال الدين القونوي قدس سره وأذهب ظلمته - إن كانت - بما يحصل لي من الأنوار حال قراءته، وهذا لعمري هو الضلال البعيد، وينبغي للمؤمنين اجتناب مثل هؤلاء * (ولو كانوا) * أي من حاد الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد فيما قبل باعتبار لفظها * (ابآءهم) * أي الموادين * (أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) * فإن قضية الإيمان بالله تعالى
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»