تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٥٠
أي واذكر * (إذ أسر) * * (النبي إلى بعض أزواجه) * هي حفصة على ما عليه عامة المفسرين، وزعم بعض الشيعة أنها عائشة وليس له في ذلك شيعة، نعم رواه ابن مردويه عن ابن عباس وهو شاذ * (حديثا) * هو قوله عليه الصلاة والسلام على ما في بعض الروايات: " لكني كنت أشرب عسلا عند زينب ابنة جحش فلن أعود له وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا " * (فلما نبأت) * أي أخبرت.
وقرأ طلحة - أنبأت - * (به) * أي بالحديث عائشة لأنهما كانتا متصادقتين، وتضمن الحديث نقصان حظ ضرتهما زينب من حبيبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث إنه عليه الصلاة والسلام - كما في البخاري. وغيره - كان يمكث عندها لشرب ذلك وقد اتخذ ذلك عادة - كما يشعر به لفظ - كان فاستخفها السرور فنبأت بذلك * (وأظهره الله عليه) * أي جعل الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا على الحديث مطلعا عليه من قوله تعالى: * (ليظهره على الدين كله) * والكلام على ما قيل: على التجوز، أو تقدير مضاف أي على إفشائه، وجوز كون الضمير لمصدر * (نبأت) * وفيه تفكيك الضمائر، أو جعل الله تعالى الحديث ظاهرا على النبي صلى الله عليه وسلم فهو نظير ظهر لي هذه المسألة وظهرت على إذا كان فيه مزيد كلفة واهتمام بشأن الظاهر فلا تغفل * (عرف) * أي النبي صلى الله عليه وسلم حفصة * (بعضه) * أي الحديث أي أعلمها وأخبرها ببعض الحديث الذي أفشته.
والمراد أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: قلت كذا لبعض ما أسره إليها قيل: هو قوله لها: " كنت شربت عسلا عند زينب ابنة جحش فلن أعود " * (وأعرض عن بعض) * هو على ما قيل قوله عليه الصلاة والسلام: " وقد حلفت " فلم يخبرها به تكرما لما فيه من مزيد خجلتها حيث إنه يفيد مزيد اهتمامه صلى الله عليه وسلم بمرضاة أزواجه وهو لا يحب شيوع ذلك، وهذا من مزيد كرمه صلى الله عليه وسلم.
وقد أخرج ابن مردويه عن علي كرم الله تعالى وجهه ما استقصى كريم قط، وقال سفيان: ما زال التغافل من فعل الكرام، وقال الشاعر: ليس الغبي بسيد في قومه * لكن سيد قومه المتغابي وجوز أن يكون * (عرف) * بمعنى جازى أي جازاها على بعض بالعتب واللوم أو بتطليقه عليه الصلاة والسلام إياها، وتجاوز عن بعض، وأيد بقراءة السلمى. والحسن. وقتادة. وطلحة. والكسائي. وأبي عمرو في رواية هارون عنه * (عرف) * بالتخفيف لأنه على هذه القراءة لا يحتمل معنى العلم لأن العلم تعلق به كله بدليل قوله تعالى: * (أظهره الله عليه) * مع أن الإعراض عن الباقي يدل على العلم فتعين أن يكون بمعنى المجازاة.
قال الأزهري في " التهذيب ": من قرأ * (عرف) * بالتخفيف أراد معنى غضب وجازى عليه كما تقول للرجل يسىء إليك: والله لأعرفن لك ذلك، واستحسنه الفراء، وقول " القاموس ": هو بمعنى الإقرار لا وجه له ههنا، وجعل المشدد من باب إطلاق المسبب على السبب والمخفف بالعكس، ويجوز أن تكون العلاقة بين المجازاة والتعريف اللزوم، وأيد المعنى الأول بقوله تعالى: * (فلما نبأها به قالت) * لتعرف هل فضحتها عائشة أم لا؟ * (من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير) * الذي لا تخفى عليه خافية فإنه أوفق للإعلام، وهذا على ما في " البحر "
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»