تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٥٥
لم يقل ظهير له عليكما مثلا، وكذا ترك ذكر المعان فيه وتخصيص - صالح المؤمنين - بالذكر، وتقوى هذه الملاءمة على ما روى عن ابن جبير من تفسير - صالح المؤمنين - بمن برىء من النفاق فتأمل.
* (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلم‍ات مؤمن‍ات ق‍انت‍ات ت‍ائب‍ات ع‍ابدات س‍ائح‍ات ثيب‍ات وأبكارا) *.
* (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله) * أي أن يعطيه عليه الصلاة والسلام بدلكن * (أزواجا خيرا منكن) * والخطاب لجميع زوجاته صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين على سبيل الالتفات، وخوطبن لأنهن في مهبط الوحي وساحة العز والحضور، ويرشد إلى هذا ماأخرج البخاري عن أنس قال: قال عمر: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت: * (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله خيرا منكن) * فنزلت هذه الآية، وليس فيها أنه عليه الصلاة والسلام لم يطلق حفصة وأن في النساء خيرا منهن مع أن المذهب على ما قيل؛ إنه ليس على وجه الأرض خير منهن لأن تعلق طلاق الكل لا ينافي تطليق واحدة والمعلق بما لم يقع لا يجب وقوعه، وجوز أن يكون الخطاب للجميع على التغليب، وأصل الخطاب لاثنتين منهن وهما المخاطبتان أولا بقوله تعالى: * (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) * الخ فكأنه قيل: عسى ربه إن طلقكما وغيركما أن يبدله خيرا منكما ومن غير كما من الأزواج، والظاهر أن عدم دلالة الآية على أنه عليه الصلاة والسلام لم يطلق حفصة وأن في النساء خيرا من أزواجه صلى الله عليه وسلم على حاله لأن التعليق على طلاق الاثنتين ولم يقع فلا يجب وقوع المعلق ولا ينافي تطليق واحدة، وقال الخفاجي. التغليب في خطاب الكل مع أن المخاطب أولا اثنتان، وفي لفظة * (إن) * الشرطية أيضا الدالة على عدم وقوع الطلاق.
وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم طلق حفصة فغلب ما لم يقع من الطلاق على الواقع وعلى التعميم لا تغليب في الخطاب ولا في * (إن) * انتهى، وفيه بحث، ثم إن المشهور إن * (عسى) * في كلامه تعالى للوجب، وأن الوجوب هنا إنما هو بعد تحقق الشرط، وقيل: هي كذلك إلا هنا، والشرط معترض بين اسم * (عسى) * وخبرها. والجواب محذوف أي إن طلقكن فعسى الخ، و * (أزواجا) * مفعول ثان - ليبدل - و * (خيرا) * صفته وكذا ما بعد، وقرأ أبو عمرو في رواية عياش * (طلقكن) * بإدغام القاف في الكاف.
وقرأ نافع. وأبو عمرو. وابن كثير * (يبدله) * بالتشديد للتكثير * (مسلم‍ات) * مقران * (مؤمن‍ات) * مخلصات لأنه يعتبر في الإيمان تصديق القلب، وهو لا يكون إلا مخلصا، أو منقادات على أن الإسلام بمعناه اللغوي مصدقات * (ق‍انت‍ات) * مصليات أو مواظبات على الطاعة مطلقا * (ت‍ائب‍ات) * مقلعات عن الذنب * (ع‍ابدات) * متعبدات أو متذللات لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم * (سئح‍ات) * صائمات كما قال ابن عباس. وأبو هريرة. وقتادة. والضحاك. والحسن. وابن جبير. وزيد بن أسلم. وابنه عبد الرحمان، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الفراء: وسمي الصائم سائحا لأن السائح لا زاد معه. وإنما يأكل من حيث يجد الطعام، وعن زيد بن أسلم. ويمان مهاجرات، وقال ابن زيد: ليس في الإسلام سياحة إلا الهجرة، وقيل: ذاهبات في طاعة الله تعالى أي مذهب.
وقرأ عمرو بن قائد - سيحات - * (ثيب‍ات) * جمع ثيب من ثاب يثوب ثوبا، وزنه فيعل كسيد وهي التي تثوب أي ترجع عن الزوج أي بعد زوال عذرتها * (وأبكارا) * جمع بكر من بكر إذا خرج بكرة وهي أول النهار، وفيها معنى التقدم سميت بها التي لم تفتض اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء، وترك العطف في
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»