تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٨ - الصفحة ١٦١
غيره فإنه ظاهر، وليس بنص في غفران ذنوب المسلم بالتوبة كقوله تعالى: * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) *، وأما حديث - التوبة تجب ما قبلها - فليس بمتواتر ولأنه إذا قطع بقبول توبة الكافر كان ذلك فتحا لباب الإيمان وسوقا إليه، وإذا لم يقطع بتوبة المؤمن كان ذلك سدا لباب العصيان ومنعا منه، وهذا - وما قبله - ذكرهما القاضي لما قيل له: إن الدلائل مع الشيخ أبي الحسن: وقال ابن عطية: إن جمهور أهل السنة على قول القاضي، والدليل على ذلك دعاء كل أحد من التائبين بقبول توبته ولو كان مقطوعا به لما كان للدعاء معنى، ومثل ذلك وجوب الشكر على القبول فإنه لو كان واجبا لما وجب الشكر عليه. / جسم] وتعقب ذلك السعد بأنه ربما يدفع بأن المسؤول في الدعاء هو استجماعها لشرائط القبول فإن الأمر فيه خطير، ووجوب القبول لا ينافي وجوب الشكر لكونه إحسانا في نفسه كتربية الوالد لولده؛ وقال الإمام النووي: لا يجب على الله تعالى قبول التوبة إذا وجدت بشروطها عند أهل السنة لكنه سبحانه يقبلها كرما منه وتفضلا، وعرفنا قبولها بالشرع والإجماع فلا تغفل، وقرىء * (يدخلكم) * بسكون اللام، وخرجه أبو حيان على أن يكون حذف الحركة تخفيفا وتشبيها لما هو في كلمتين بالكلمة الواحدة فإنه يقال في قمع: قمع. وفي نطع: نطع، وقال: إنه أولى من كونه للعطف على محل * (عسى ربكم أن يكفر) *، واختاره الزمخشري كأنه قيل: توبوا يرج تكفير أو يوجب تكفير سيئآتكم ويدخلكم * (يوم لا يخزي الله النبي) * ظرف - ليدخلكم - وتعريف * (النبي) * للعهد، والمراد به سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، والمراد بنفي الإخزاء إثبات أنواع الكرامة والعز.
وفي " القاموس " يقال: أخزى الله تعالى فلانا فضحه، وقال الراغب: يقال: خزي الرجل لحقه انكسار إما من نفسه وهو الحياء المفرط ومصدره الخزاية. وإما من غيره وهو ضرب من الاستخفاف، ومصدره الخزي، و * (يوم لا يخزي الله النبي) * هو من الخزي أقرب، ويجوز أن يكون منهما جميعا * (والذين ءامنوا معه) * عطف عليه عليه الصلاة والسلام، وفيه تعريض بمن أخزاهم الله تعالى من أهل الكفر والفسوق، واستحماد على المؤمنين على أن عصمهم من مثل حالهم، والمراد بالإيمان هنا فرده الكامل على ما ذكره الخفاجي، وقوله تعالى: * (نورهم يسعى بين أيديهم وبأيم‍انهم) * أي على الصراط كما قيل، ومر الكلام فيه جملة مستأنفة، وكذا قوله سبحانه: * (يقولون) * الخ، وجوز أن تكون الجملتان في موضع الحال من الموصول، وأن تكون الأولى حالا منه. والثانية حالا من الضمير في * (يسعى) *، وأن تكون الأولى مستأنفة. والثانية من الضمير، وأن تكون الأولى حالا من الموصول. والثانية مستأنفة أو حالا من الضمير، وجوز أن يكون الموصول مبتدأ خبره معه، والجملتان خبران آخران. أو مستأنفتان. أو حالان من الموصول، أو الأولى حال منه. والثانية حال من الضمير، أو الأولى مستأنفة. والثانية حال من الضمير، أو الأولى حال. والثانية مستأنفة، أو الأولى خبر بعد خبر. والثانية حال من الضمير أو مستأنفة، وجوز أن يكون الموصول مبتدأ خبره قوله تعالى: * (نورهم يسعى) * الخ، والجملة الأخرى مستأنفة أو حال أو خبر بعد خبر فهذه عدة احتمالات لا يخفى ما هو الأظهر منها.
والقول على ما روي عن ابن عباس. والحسن: يكون إذا طفىء نور المنافقين أي يقولون إذا طفىء نور المنافقين * (ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير) * وفي رواية أخرى عن الحسن يدعون تقربا إلى الله تعالى مع تمام نورهم، وقيل: يقول ذلك من يمر على الصراط زحفا وحبوا.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 » »»