فلئن لقيتك خاليين لتعلمن * (أيى وأيك) فارس الأحزاب وقرأ ابن عامر. وحمزة. وطلحة. وابن وثاب. والأعمش - ستعلمون - بتاء الخطاب على حكاية ما قال لهم صالح مجيبا لهم، وفي " الكشاف " أو هو كلام على سبيل الالتفات، قال " صاحب الكشف ": أي هو كلام الله تعالى لقوم ثمود على سيل الالتفات إليهم إما في خطابه تعالى لرسولنا صلى الله عليه وسلم وهو نظير ما حكاه سبحانه عن شعيب * (فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم) * (الأعراف: 79) بعد ما استؤصلوا هلاكا وهو من بليغ الكلام فيه دلالة على أنهم أحقاء بهذا الوعيد وكأنهم حضور في المجلس حول إليهم الوجه لينعى عليهم جناياتهم. وإما في خطابه عز وجل لصالح عليه السلام والمنزل حكاية ذلك الكلام المشتمل على الالتفات. وعلى التقديرين لا إشكال فيه كما توهم. ولفظ الزمخشري على الأول أدل وهو أبلغ انتهى، ومن التفت إلى ما قاله الجمهور في الالتفات لا أظنه تسكن نفسه بماذكر فتأمل، وقرأ مجاهد فيما ذكره " صاحب اللوامح ". وأبو قيس الأودي * (الأشر) * بثلاث ضمات وتخفيف الراء. ويقال: أشر وأشر كحذر وحذر فضمة الشين لغة وضم الهمزة تبع لها.
وحكى الكسائي عن مجاهد ضم الشين دون الهمزة فهو كندس. وقرأ أبو حيوة * (الأشر) * أفعل تفضيل أي الأبلغ في الشرارة وكذا قرأ قتادة. وأبو قلابة أيضا وهو قليل الاستعمال وإن كان على الأصل كالأخير في قول رؤبة: بلال خير الناس وابن الأخير وقال أبو حاتم: لا تكاد العرب تتكلم - بالأخير - و * (الأشر) * إلا في ضرورة الشعر وأنشد البيت، وقال الجوهري: لا يقال * (الأشر) * إلا في لغة رديئة؛ وقوله تعالى:
* (إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر) *.
* (إنا مرسلوا الناقة) * الخ استئناف مسوق لبيان مبادي الموعود على ما هو الظاهر، وبه يتعين كون المراد بالغد وقت نزول العذاب الدنيوي بهم دون يوم القيامة، والإرسال حقيقة في البعث وقد جعل هنا كناية عن الإخراج، وأريد المعنى الحقيقي معه كما أومأ إليه بعض الأجلة أي إنا مخرجوا الناقة التي سألوها من الهضبة وباعثوها * (فتنة لهم) * امتحانا، وجوز إبقاؤها على معناها المعروف * (فارتقبهم) * فانتظرهم وتبصر ما هم فاعلون * (واصطبر) * على أذاهم ولا تعجل حتى يأتي أمر الله تعالى.
* (ونبئهم أن المآء قسمة بينهم كل شرب محتضر) *.
* (ونبئهم أن الماء) * وأخبرهم بأن ماء البئر التي لهم * (قسمة بينهم) * مقسوم لها يوم ولهم يوم، و * (بينهم) * لتغلب العقلاء، وقرأ معاذ عن أبي عمرو و * (قسمة) * بفتح القاف * (كل شرب) * نصيب وحصة منه * (محتضر) * يحضره صاحبه في نوبته فتحتضر الناقة نارة ويحضرونه أخرى، وقيل: يتحول عنه غير صاحبه من حضر عن كذا تحول عنه وقيل: يمنع عنه غير صاحبه مجاز عن الحظر بالظاء بمعنى المنع بعلاقة السببية فإنه مسبب عن حضور صاحبه في نوبته وهو كما ترى، وقيل: يحضرون الماء في نوبتهم واللبن في نوبتها، والمعنى كل شرب من الماء واللبن تحضرونه أنتم.
* (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر) *.
* (فنادوا) * أي فأرسلنا الناقة وكانوا على هذه الوتيرة من القسمة فملوا ذلك وعزموا على عقر الناقة * (فنادوا) * لعقرها * (صاحبهم) * وهو قدار بن سالف أحيمر ثمود وكان أجرأهم * (فتعاطى) * العقر أي فاجترأ على تعاطيه مع عظمه غير مكترث به.
* (فعقر) * فأحدث العقر بالناقة، وجوز أن يكون المراد فتعاطى الناقة فعقرها، أو فتعاطى السيف فقتلها، وعلى كل فمفعول تعاطى محذوف والتفريع لا غبار عليه، وقيل: تعاطى منزل منزلة اللازم على أن معناه أحدث