* (لحق) * لا بد أن يتكلموا به فالمراد من حقيته تحققه في المستقبل.
وقوله تعالى: * (تخاصم أهل النار) * خبر مبتدأ محذوف أي هو تخاصم، والجملة بيان لذلك، وفي الإبهام أولا والتبيين ثانيا مزيد تقرير له، وقال ابن عطية: بدل من حق والمبدل منه ليس في حكم السقوط حقيقة، وقيل بدل من محل اسم إن، والمراد بالتخاصم التقاول، وجوز إرادة ظاهره فإن قول الرؤساء لا مرحبا بهم وقول الأتباع * (بل أنتم لا مرحبا بكم) * (ص: 60) من باب الخصومة فسمي التفاوض كله تخاصما لاشتماله عليه، قيل وهذا ظاهر أن التقاول بين المتبوعين والأتباع أما لو جعل الكل من كلام الخزنة فلا، ولو جعل * (لا مرحبا) * من كلام الرؤساء و * (هذا فوج) * من كلام الخزنة فيصح أن يجعل تخاصما مجازا. وقرأ ابن أبي عبلة * (تخاصم) * بالنصب فهو بدل من ذلك.
وقال الزمخشري: صفة له، وتعقب بأن وصف اسم الإشارة وإن جاز أن يكون بغير المشتق إلا أنه يلزم أن يكون معرفا بأل كما ذكره في المفصل من غير نقل خلاف فيه فبينه وبين ما يستدعيه القول بالوصفية تناقض مع ما في ذلك من الفصل الممتنع أو القبيح. وأجاب " صاحب الكشف " بأن القياس يقتضي التجويز لأن اسم الإشارة يحتاج إلى رافع لإبهامه دال على ذات معينة سواء كان فيه اختصاص بحقيقة أخرى أو بحقائق أولا، وهذا القدر لا يخرج الاسم عن الدلالة على حقيقة الذات المعينة التي يصح بها أن يكون وصفا لاسم الإشارة، وأما الاستعمال فمعارض بأصل الاستعمال في الصفة فكما أن الجمهور حملوا على الصفة في نحو هذا الرجل مع احتمال البدل والبيان كذلك الزمخشري حمل على الوصف مع احتمال البدل لأنه التفت لفت المعنى، ولا يناقض ما في المفصل لأنه ذكر ذلك في باب النداء خاصة على تقدير عدم استقلال اسم الإشارة ولأن حال الاستقلال أقل لم يتعرض له، وقد بين في موضعه أنه في النداء خاصة يمتنع وصف اسم الإشارة إذا لم يستقل بالمضاف إلى المعرف باللام على أنه كثيرا ما يخالف في أحد الكتابين الكشاف والمفصل الآخر، والإشكال بأنه يلزم الفصل غير قادح فإنه يجوز لاسيما على تقدير استقلال اسم الإشارة اه. ولا يخلو عن شيء.
وقرأ ابن السميقع * (تخاصم) * فعلا ماضيا * (أهل) * بالرفع على أهل فاعل له.
* (قل إنمآ أنا منذر وما من إلاه إلا الله الواحد القهار) *.
* (قل) * يا محمد لمشركي مكة * (إنما أنا منذر) * أنذرتكم عذاب الله تعالى للمشركين، والكلام رد لقولهم هذا ساحر كذاب فإن الإنذار ينافي السحر والكذب.
وقد يقال: المراد إنما أنا رسول منذر لا ساحر كذاب، وفيه من الحسن ما فيه فإن كل واحد من وصفي الرسالة والإنذار ينافي كل واحد من وصفي السحر والكذب لكن منافاة الرسالة للسحر أظهر وبينهما طباق فكذلك الإنذار للكذب، وضم إلى ذلك قوله تعالى: * (وما من إلاه إلا الله) * لإفادة أن له صلى الله عليه وسلم صفة الدعوة إلى توحيده عز وجل أيضا فالأمران مستقلان بالإفادة.
و * (من) * زائدة للتأكيد أي ما إله أصلا إلا الله * (الواحد) * أي الذي لا يحتمل الكثرة في ذاته بحسب الجزئيات بأن يكون له سبحانه ماهية كلية ولا بحسب الأجزاء * (القهار) * لكل شيء.
* (رب السماوات والارض وما بينهما العزيز الغفار) *.
* (رب السماوات والأرض وما بينهما) * من الموجودات منه سبحانه خلقها وإليه تدبير جميع أمورها * (العزيز) * الذي يغلب ولا يغلب في أمر من أموره جل شأنه فتندرج في ذلك المعاقبة * (الغفار) * المبالغ في المغفرة يغفر ما يشاء لمن يشاء تقرير للتوحيد، أما الوصف الأول فظاهر في ذلك غير محتاج للبيان، وأما القهار