تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ٢١٤
على المعنى الأول متكفل بالدلالة على محبتهن لأزواجهن وعلى المعنى الثاني متكفل بالدلالة على محبة أزواجهن لهن وإذا حصلت المحبة من طرف فالغالب حصولها من الطرف الآخر، وقد قيل: من القلب إلى القلب سبيل والأمر في الشاهد أن كون الزوجات أصغر من الأزواج أحب لهم لا التساوي، واختار بعضهم كون ذلك بينهن وبين أزواجهن ويلزم منه مساواة بعضهن لبعض وهذا إذا كان المراد بقوله تعالى: * (وعنده) * الخ وعند كل واحد منهم ولو كان المراد وعند مجموعهم وكان الجمع موزعا بأن يكون لكل واحد واحد من أهل الجنة واحدة واحدة من قصارات الطرف الأتراب كان اعتبار كون الوصف بينهن وبين الأزواج كالمتعين لكن هذا الفرض خلاف ما نطقت به الأخبار سواء قلنا بما روي عن ابن عباس من أن الآية في الآدميات أو قلنا بما قاله صاحب الفينان من أنها في الحور، وقيل بناء على ما هو الظاهر في الوصف إن التساوي في الأعمار بين الحور وبين نساء الجنة فالآية فيهما.
* (ه‍اذا ما توعدون ليوم الحساب) *.
* (ه‍اذا ما توعدون ليوم الحساب) * أي لأجل يوم الحساب فإن ما وعدوه لأجل طاعتهم وأعمالهم الصالحة وهي تظهر بالحساب فجعل كأنه علة لتوقف إنجاز الوعد فالنسبة لليوم والحساب مجازية، وجوز أن يكون اللام بمعنى بعد كما في كتب لخمس خلون من جمادي الآخرة مثلا وهو أقل مؤونة.
وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو * (يوعدون) * بياء الغيبة وعلى قراءة الجمهور بتاء الخطاب فيها التفات.
* (إن ه‍اذا لرزقنا ما له من نفاد) *.
* (إن هاذا) * أي ما ذكر من ألوان النعم والكرامات * (لرزقنا) * أعطيناكموه * (ماله من نفاذ) * انقطاع أبدا.
* (ه‍اذا وإن للط‍اغين لشر م‍ااب) *.
* (ها - اذا) * قال الزجاج: أي الأمر هذا على أنه خبر مبتدأ محذوف، وقال أبو علي: أي هذا للمؤمنين على أنه مبتدأ خبره محذوف وقدره بعضهم كما ذكر.
وجوز أبو البقاء احتمال كونه مبتدأ محذوف الخبر واحتمال كونه خبرا محذوف المبتدأ، وجوز بعضهم كونه فاعل فعل محذوف أي مضي هذا وكونه مفعولا للفعل محذوف أي خذ هذا، وجوز أيضا كون ها اسم فعل بمعنى خذ وذا مفعوله من غير تقدير ورسمه متصلا يبعده والتقدير أسهل منه، وقوله تعالى: * (وإن للطاغين لشر مآب) * عطف على ما قبله، ولزوم عطف الخبر على الإنشاء على بعض الاحتمالات جوابه سهل، وأشار الخفاجي إلى الحالية هنا أيضا ولعل أمرها على بعض الأقوال المذكورة هين، والطاغون هنا الكفار كام يدل عليه كلام ابن عباس حيث قال: أي الذين طغوا علي وكذبوا رسلي، وقال الجبائي: أصحاب الكبائر كفارا كانوا أو لم يكونوا، وإضافة * (شر) * إلى * (مآب) * كإضافة * (حسن) * إليه فيما تقدم، وظاهر المقابلة يقتضي أن يقال: لقبح مآب هنا أو لبخير مآب فيما مضى لكن مثله لا يلتفت إليه إذا تقابلت المعاني لأنه من تكلف الصنعة البديعية كما صرح به المرزوفي في " شرح الحماسة " كذا قيل، وقيل إنه من الاحتباك وأصله إن للمتقين لخير مآب وحسن مآب وإن للطاغين لقبح مآب وشر مآب واستحسنه الخفاجي وفيه نوع بعد [بم وقوله تعالى:
* (جهنم يصلونها فبئس المهاد) *.
* (جهنم) * يعلم إعرابه مما سلف؛ وقوله سبحانه: * (يصلونها) * أي يدخلونها ويقاسون حرها حال من جهنم نفسها أو من الضمير المستتر في خبر إن الراجع لشر مآب المراد به هي والحال مقدرة * (فبئس المهاد) * أي هي يعني جهنم فالمخصوص بالذم محذوف، والمهاد كالفراش لفظا ومعنى وقد استعير مما يفترشه النائم، والمهد كالمهاد وقد يخص بمقر الطفل.
* (ه‍اذا فليذوقوه حميم وغساق) *.
* (هاذا) * خبر مبتدأ محذوف أي العذاب هذا، وقوله تعالى: * (فليذوقوه) * جملة
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»