تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ٢١٨
على أنها شرطية. وفي " البحر " * (من قدم) * هم الرؤساء، وقال الضحاك: هو إبليس وقابيل، وهو أنسب بخلاف الظاهر المحكي عن ابن السائب.
* (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار) *.
* (وقالوا) * الضمير للطاغين عند جمع أي قال الطاغون بعضهم لبعض على سبيل التعجب والتحسر * (ما لنا لا نرى رجالا كنا) * في الدنيا * (نعدهم من الأشرار) * أي الأراذل الذين لا خير فيهم ولا جدوى يعنون بذلك فقراء المؤمنين وكانوا يسترذلونهم ويسخرون منهم لفقرهم ومخالفتهم إياهم في الدين، وقيل: الضمير لصناديد قريش كأبي جهل. وأمية بن خلف. وأصحاب القليب، والرجال عمار. وصهيب. وسلمان. وخباب. وبلال وأضرابهم رضي الله تعالى عنهم بناء على ما روي عن مجاهد من أن الآية نزلت فيهم، واستضعف " صاحب الكشف " وسبب النزول لا يكون دليلا على الخصوص، واستظهر بعضهم أن الضمير للأتباع لأنه فيما قبل يعني قوله تعالى: * (قالوا بل أنتم) * الخ لهم أيضا، وكانوا أيضا يسخرون من فقراء المؤمنين تبعا لرؤسائهم، وأيا ما كان فجملة * (كنا) * الخ صفة * (رجالا) *.
وقوله تعالى:
* (أتخذن‍اهم سخريا أم زاغت عنهم الأبص‍ار) *.
* (أتخذناهم سخريا) * بهمزة استفهام سقطت لأجلها همزة الوصل كما قرأ بذلك الحجازيان وابن عامر. وعاصم. وأبو جعفر. والأعرج. والحسن. وقتادة استئناف لا محل له من الإعراب قالوه حيث لم يروهم معهم إنكارا على أنفسهم وتأنيبا لهم في الاستسخار منهم، وقوله تعالى: * (أم زاغت عنهم الأبصار) * متصل بقوله تعالى: * (ما لنا لا نرى) * الخ، وأم فيه متصلة وتقدم ما فيه معنى الهمزة يغني عن تقدمها على ما يقتضيه كلام الزمخشري، والمعنى ما لنا لا نراهم في النار أليسوا فيها فلذلك لا نراهم بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها أو بقوله تعالى: * (اتخذناهم) * الخ، وأم فيه إما متصلة أيضا، والمقابلة باعتبار اللازم، والمعنى أي الأمرين فعلنا بهم الاستسخار منهم أم الإزدراء بهم وتحقيرهم وإن أبصارنا تعلو عنهم وتقتحمهم على معنى إنكار الأمرين جميعا على أنفسهم، وعن الحسن كل ذلك قد فعلوا اتخذوهم سخريا وزاغت عنهم أبصارهم محقرة لهم، وإما منقطعة كأنهم أضربوا عن إنكار الاستسخار وأنكروا على أنفسهم أشد منه وهو أنهم جعلوهم محقرين لا ينظر إليهم بوجه، وفي * (زاغت) * دون أزغنا مبالغة عظيمة كأن العين بنفسها تمجهم لقبح منظرهم وأين هذا من السخر فقد يكون المسخور منه محبوبا مكرما. وجوز أن يكون معنى أم زاغت على الانقطاع بل زاغت أبصارنا وكلت أفهامنا حتى خفي عنا مكانهم وأنهم على الحق المبين. وقرأ النحويان. وحمزة * (اتخذناهم) * بغير همزة فجوز أن تكون مقدرة لدلالة أم عليها فتتحد القراءتان، وأن لا تكون كذلك ويكون الكلام إخبارا فقال ابن الأنباري: الجملة حال أي وقد اتخذناهم، وجوز كونها مستأنفة لبيان ما قبلها. وقال الزمخشري. وجماعة: صفة ثانية لرجالا و * (أم زاغت) * متصل بقوله تعالى: * (ما لنا لا نرى) * الخ كما سمعت أولا.
وجوز أن تكون أم فيه منقطعة كأنهم أضربوا عما قبل وأنكروا على أنفسهم ما هو أشد منه أو أضربوا عن ذلك إلى بيان إن ما وقع منهم في حقهم كان لزيغ أبصارهم وكلال أفهامهم عن إدراك أنهم على الحق بسبب رثاثة حالهم، وقرأ عبد الله. وأصحابه. ومجاهد. والضحاك وأبو جعفر. وشيبة. والأعرج. ونافع. وحمزة. والكسائي * (سخريا) * بضم السين ومعناه على ما في " البحر " من السخرة والاستخدام، ومعنى سخريا بالكسر على المشهور من السخر وهو الهزء وهو معنى ما حكى عن أبي عمرو قال: ما كان من مثل العبودية فسخري بالضم وما كان من مثل الهزء فسخري بالكسر، وقيل: هو بالكسر من التسخير.
* (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) *.
* (إن ذالك) * أي الذي حكى عنهم
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»