تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ٢١٥
مرتبة على الجملة قبلها فهي بمنزلة جزاء شرط محذوف، وقوله تعالى: * (حميم وغساق) * خبر مبتدأ محذوف أي هو حميم وغساق وذا قد يشاربه للمتعدد أو مبتدأ محذوف الخبر أي منه حميم ومنه غساق كما في قوله: حتى إذا ما أضاء الصبح في غلس * وغودر البقل ملوى ومحصود أي منه ملوى ومنه محصود أو * (هذا) * مبتدأ خبره * (حميم) * وجملة * (فليذوقوع) * معترضة كقولك زيد فافهم رجل صالح أو هذا مبتدأ خبره * (فليذوقوه) * على مذهب الأخفش في إجازته زيد فاضربه مستدلا بقوله: وقائلة خولان فانكح فتاتهم أو * (هذا) * في محل نصب بفعل مضمر يفسره * (فليذوقوه) * أي ليذوقوا هذا فليذوقوه، ولعلك تختار القول بأن * (هذا) * مبتدأ وحميم خبره وما في البين اعتراض وقد قدمه في الكشاف والفاء تفسيرية تعقيبية وتشعر بأن لهم إذاقة بعد إذاقة، وفي حميم وغساق على هذين الوجهين الاحتمالان المذكوران أولا والحميم الماء الشديد الحرارة.
والغساق بالتشديد كما قرأ به ابن أبي اسحاق. وقتادة. وابن وثاب. وطلحة. وحمزة. والكسائي. وحفص والفضل. وابن سعدان. وهارون عن أبي عمرو، وبالتخفيف كما قرأ به باقي السبعة اسم لما يجري من صديد أهل النار كما روي عن عطاء. وقتادة. وابن زيد، وعن السدى ما يسيل من دموعهم. وأخرج ابن جرير عن كعب أنه عين في جهنم تسيل إليها حمة كل ذي حمة من حية وعقرب وغيرهما يغمس فيها الكافر فيتساقط جلده ولحمه وأخرج ابن جرير. وابن المنذر عن ابن عباس أنه الزمهرير، وقيل: هو مشددا ومخففا وصف من غسق كضرب وسمع بمعنى سال يقال غسقت العين إذا سال دمعها فيكون على ما في البحر صفة حذف موصوفها أي ومذوق غساق ويراد به سائل من جلود أهل النار مثلا، والوصيفة في المشدد أظهر لأن فعالا بالتشديد قليل في الأسماء، ومنه الغياد ذكر البوم والخطار دهن يتخذ من الزيت والعقار ما يتداوي به من النبات، ومن الغريب ما قاله الجواليقي. والواسطي أن الغساق هو البارد المنتن بلسان الترك والحق أنه عربي نعم النتونة وصف له في الواقع وليست مأخوذة في المفهوم، فقد أخرج أحمد. والترمذي. وابن حبان. وجماعة وصححه الحاكم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولو أن دلو من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا " وقيل الغساق عذاب لا يعلمه إلا الله عز وجل ويبعده هذا الخبر.
* (وءاخر من شكله أزواج) *.
* (وآخر) * أي ومذوق آخر وفسره ابن مسعود كما رواه عنه جمع بالزمهرير أو وعذاب آخر.
وقرأ الحسن. ومجاهد. والجحدري. وابن جبير. وعيسى. وأبو عمرو و * (أخر) * على الجمع أي ومذوقات أو أنواع عذاب آخر * (من شكله) * أي من مثل هذا المذوق أو العذاب في الشدة والفظاعة، وتوحيد الضمير دون تثنيته نظرا للحميم والغساق على أنه لما ذكر أو للشراب الشامل للحميم والغساق أو للغساق. وقرأ مجاهد * (شكله) * بكسر الشين وهي لغة فيه كمثل وإذا كان بمعنى الغنج فهو بالكسر لا غير * (أزواج) * أي أجناس و * (آخر) * على القراءتين يحتمل أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي وهذا مذوق أو عذاب آخر أو هذه مذوقات أو أنواع عذاب آخر، والجلمة معطوفة على هذا حميم، وإن شئت فقدر هو أو هي واعطف الجملة على هو حميم، وأن يكون مبتدأ خبره محذوف أي ومنه مذوق أو عذاب آخر أو ومنه مذوقات أو أنواع عذاب
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»