تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٣ - الصفحة ١٢٣
واستدل على أنه سيسقم بما استدل، ولعل نظره كان في طالع الوقت أو نحوه أو طالع ولادته أو طالع سقوط النطفة التي خلق منها والعلم به بالوحي أو بواسطة العلم بطالع الولادة؛ والاعتراض على ذلك بأنه يلزم عليه تقويته عليه السلام ما هم عليه من الباطل في أمر النجوم وارد أيضا على حمل ما في الآية على التعريض والجواب هو الجواب، هذا وإذا أحطت خبرا بجميع ما ذكرت لك في هذا المقام فأحسن التأمل فيما تضمنه من النقض والإبرام وقد جمعت لك ما لم أعلم أنه جمع في تفسير ولا أبرىء نفسي عن الخطأ والسهو والتقصير والله سبحانه ولي التوفيق وبيده عز وجل أزمة التحقيق [بم وقوله تعالى:
* (فتولوا عنه مدبرين) *.
* (فتولوا عنه مدبرين) * تفريع على قوله عليه السلام: * (إني سقيم) * أي أعرضوا وتركوا قربه، والمراد أنهم ذهبوا إلى معيدهم وتركوه، و * (مدبرين) * إما حال مؤكدة أو حال مقيدة بناء على أن المراد بسقيم مطعون أو أنهم توهموا مرضا له عدوى مرض الطاعون أو غيره فإن المرض الذي له عدوى بزعم الأطباء لا يختص بمرض الطاعون فكأنه قيل: فاعرضوا عنه هاربين مخافة العدوى.
* (فراغ إلى ءالهتهم فقال ألا تأكلون) *.
* (فراغ إلى ءالهتهم) * فذهب بخفية إلى أصنامهم التي يعبدونها، وأصل الروغان ميل الشخص في جانب ليخدع من خلفه فتجوز به عما ذكر لأنه المناسب هنا * (فقال) * للأصنام استهزاء * (ألا تأكلون) * من الطعام الذي عندكم، وكان المشركون يضعون في أيام أعيادهم طعاما لدى الأصنام لتبرك عليه، وأتى بضمير العقلاء لمعاملته عليه السلام إياهم معاملتهم.
* (ما لكم لا تنطقون) *.
* (ما لكم لا تنطقون) * بجوابي.
* (فراغ عليهم ضربا باليمين) *.
* (فراغ عليهم) * فمال مستعليا عليهم وقوله تعالى: * (ضربا) * مصدر لراغ عليهم باعتبار المعنى فإن المراد منه ضربهم أو لفعل مضمر هو مع فاعله حال من فاعله أي فراغ عليهم يضربهم ضربا أو هو حال منه على أنه مصدر بمعنى الفاعل أي ضاربا أو مفعول له أي لأجل ضرب. وقرأ الحسن * (سفقا وصفقا) * أيضا * (باليمين) * أي باليد اليمين كما روى عن ابن عباس، وتقييد الضرب باليمين للدلالة على شدته وقوته لأن اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما في الغالب وقوة الآلة تقتضي شدة الفعل وقوته أو بالقوة على أن اليمين مجاز عنها.
روى أنه عليه السلام كان يجمع يديه في الآلة التي يضربها بها وهي الفأس فيضربها بكمال قوته، وقيل المراد باليمين الحلف، وسمي الحلف يمينا إما لأن العادة كانت إذا حلف شخص لآخر جعل يمينه بيمينه فحلف أو لأن الحلف يقوي الكلام ويؤكده، وأريد باليمين قوله عليه السلام * (تالله لأكيدن أصنامكم) * (الأنبياء: 57) والباء عليه للسببية أي ضربا بسبب اليمين الذي حلفه قبل وهي على ما تقدم للاستعانة أو للملابسة.
* (فأقبلوا إليه يزفون) *.
* (فأقبلوا إليه) * أي إلى إبراهيم عليه السلام بعد رجوعهم من عيدهم وسؤالهم عن الكاسر وقولهم: * (فأتوا به على أعين الناس) * (الأنبياء: 61) * (يزفون) * حال من واو أقبلوا أي يسرعون من زف النعام أسرع لخلطه الطيران بالمشي ومصدره الزف والزفيف، وقيل: * (يزفون) * أي يمشون على تؤدة ومهل من زفاف العروس إذا كانوا في طمأنينة من أن ينال أصنامهم بشيء لعزتها، وليس بشيء.
وقرأ حمزة. ومجاهد. وابن وثاب. والأعمش * (يزفون) * بضم الياء من أزف دخل في الزفيف فالهمزة ليس للتعدية أو حمل غيره على الزفيف فهي لها قاله الأصمعي. وقرأ مجاهد أيضا. وعبد الله بن يزيد. والضحاك
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»