المطلق أو خصوص خلافة علي كرم الله تعالى وجهه كما يقوله الشيعة، ونوع أوجب عليه كتمانه وهو علم الأسرار الإلهية التي لا تتحملها قوة غير قوته القدسية عليه الصلاة والسلام فكما أن لله تعالى علما استأثر به دون أحد من خلقه كذلك لحبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم علم استأثر به بعد ربه سبحانه لكنه مفاض منه تعالى عليه ولعله أشير إليه في قوله تعالى: * (فأوحى إلى عبده ما أوحى) * (النجم: 10) وقد يكون بين المحب والمحبوب من الأسرار ما يضمن به على الأغيار، ومن هنا قيل: ومستخبر عن سر ليلى تركته * بعمياء من ليلى بغير يقين يقولون خبرنا فأنت أمينها * وما أنا إن خبرتهم بامين ونوع خيره الله تعالى فيه بين الأمرين، وهذا منها ما أظهره لمن رآه أهلا له ومنه ما لم يظهره لأمر ما فلعل ما وهب له عليه الصلاة والسلام من العلم بدقائق أسرار الإجرام العلوية وحكمها وما أراد اللهتعالى بها مما لم يظهره للناس كعلم الشريعة لأنه مما لا يضبط بقاعدة وتفصيل الأمر فيه لا يكاد يتيسر والبعض مرتبط بالبعض ومع هذا لا يستطيع العالم به أن يجعل الإقامة سفرا ولا الهزيمة ظفرا ولا العقد فلا ولا الإبرام نقضا ولا اليأس رجاء والعدو صديقا ولا البعيد قريبا ولا ولا ويوشك لو انتشر أمره وظهر حلوه ومره أن يضعف توكل كثير من العوام على الله تعالى والانقطاع إليه والرغبة فيما عنده وأن يلهوا به عن غيره وينبذوا ما سواه من العلوم النافعة لأجله فكل يتمنى أن يعلم الغيب ويطلع عليه ويدرك ما يكون في غد أو يجد سبيلا إليه بل ربما يكون ذلك سببا لبعض الأشخاص مفضيا إلى الاعتقاد القبيح والشرك الصريح، وقد كان في العرب شيء من ذلك فلو فتح هذا الباب لا تسع الخرق وعظم الشر، وقد ترك صلى الله عليه وسلم هدم الكعبة وتأسيسها على قواعد إبراهيم عليه السلام لنحو هذه الملاحظة، فقد روي أنه عليه الصلاة والسلام قال لعائشة رضي الله تعالى عنها: " لولا قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وأسستها على قواعد إبراهيم " ولا يبعد أيضا أن يكون في علم الله تعالى أظهار ذلك وعلم الناس به سببا لتعطل المصالح الدنيوية ومنافيا للحكمة الإلهية فأوجب على رسوله صلى الله عليه وسلم كتمه وترك تعلميه كما علم الشرائع. ويمكن أن يكون قد علم صلى الله عليه وسلم أن العلم بذلك من العلوم الوهبية التي يمن الله تعالى بها على من يشاء من عباده وأن من وهب سبحانه له من أمته قوة قدسية يهب سبحانه له ما تتحمله قوته منه، وقد سمعت ما سمعت في النقباء والنجباء، ويمكن أن يكون قد علم عليه الصلاة والسلام ذلك أمثالهم ومن هو أعلى قدرا منهم كالأمير علي كرم الله تعالى وجهه وهو باب مدينة العلم بطريق من طرق التعليم ومنها الإفاضة التي يذكرها بعض أهل الطرائق من الصوفية، ويجوز أن يقال: إن سر البعثة إنما هو إرشاد الخلق إلى ما يقربهم إليه سبحانه زلفى، وليس في معرفة التأثيرات الفلكية والحوادث الكونية قرب إلى الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأل جهدا في دعوة الخلق وإرشادهم إلى ما يقربهم لديه سبحانه وينفعهم يوم قدومهم عليه جل شأنه وما يتوقف عليه من أمر النجوم أمور دياناتهم كمعرفة القبلة وأوقات العبادات قد أرشد إليه من أرشد منهم وترك ما يحتاجون إليه من ذلك في أمور دنياهم كالزراعة إلى عاداتهم وما جربه كل قوم في أماكنهم وأشار إشارة إجمالية إلى بعض الحوادث الكونية لبعض الكواكب في بعض أحوالها كما في حديث
(١٢٠)