تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٥٧
تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به، وقال الإمام: أي إن ضلال نفسي كضلالكم لأنه صادر من نفسي ووباله عليها وأما اهتدائي فليس كاهتدائكم بالنظر والاستدلال وإنما هو بالوحي المنير فيكون مجموع الحكمين عنده مختصا به عليه الصلاة والسلام، وفيما ذكره دلالة على ما قال الطيبي على أن دليل النقل أعلى وأفخم من دليل العقل وفيه بحث. وقرأ الحسن. وابن وثاب. وعبد الرحمن المقري * (ضللت) * بكسر اللام و * (أضل) * بفتح الضاد وهي لغة تميم، وكسر عبد الرحمن همزة * (أضل) * وقرىء * (ربي) * بفتح الياء * (إنه سميع قريب) * فلا يخفى عليه سبحانه قول كل من المهتدي والضال وفعله وإن بالغ في إخفائهما فيجازى كلا بما يليق.
* (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب) *.
* (ولو ترى إذ فزعوا) * أي اعتراهم انقباض ونفار من الأمر المهول المخيف، والخطاب في ترى للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من تصح منه الرؤية، ومفعول * (ترى) * محذوف أي الكفار أو فزعهم أو هو * (إذ) * على التجوز إذ المراد برؤية الزمان رؤية ما فيه أو هو متروك لتنزيل الفعل منزلة اللازم أي لو تقع منك رؤية وجواب * (لو) * محذوف أي لرأيت أمرا هائلا، وهذا الفزع على ما أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد يوم القيامة، والظاهر عليه أنه فزع البعث وهو مروى عن الحسن. وأخرج ابن المنذر. وغيره عن قتادة أنه في الدنيا عند الموت حين عاينوا الملائكة عليهم السلام. وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك أنه يوم بدر فقيل هو فزع الحرب، وعن السدي. وابن زيد فزع ضرب أعناقهم ومعاينة العذاب، وقيل في آخر الزمان حين يظهر المهدي ويبعث إلى السفياني جندا فيهزمهم ثم يسير السفياني إليه حتى إذا كان ببيداء من الأرض خسف به وبمن معه فلا ينجو منهم إلا المخبر عنهم فالفزع فزع ما يصيبهم يومئذ * (فلا فوت) * فلا يفوتون الله عز وجل بهرب أو نحوه عما يريد سبحانه بهم * (وأخذوا من مكان قريب) * من الموقف إلى النار أو من ظهر الأرض إلى بطنها أو من صحراء بدر إلى القليب أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم، والمراد بذكر قرب المكان سرعة نزول العذاب بهم والاستهانة بهم وبهلاكهم وإلا فلا قرب ولا بعد بالنسبة إلى الله عز وجل، والجملة عطف على * (فزعوا) * على ما ذهب إليه جماعة قال في " الكشف ": وكأن فائدة التأخير أن يقدر فلا فوت ثانيا إما تأكيدا وأما أن أحدهما غير الآخر تنبيها على أن عدم الفوت سبب للأخذ وأن الأخذ سبب لتحققه وجودا، وفيه مبالغة حسنة، وقيل على * (لا فوت) * على معنى فلم يفوتوا وأخذوا، واختاره ابن جني معترضا على ما تقدم بأنه لا يراد ولو ترى وقت فزعهم وأخذهم وإنما المراد ولو ترى إذ فزعوا ولم يفوتوا وأخذوا، وبما نقل عن الكشف يتحصل الجواب عنه.
وجوز كونها حالا من فاعل * (فزعوا) * أو من خبر لا المقدر وهو لهم بتقدير قد أو بدونه، والفاء في * (فلا فوت) * قيل إن كانت سببية فهي داخلة على المسبب لأن عدم فوتهم من فزعهم وتحيرهم وإن كانت تعليلية فهي تدخل على السبب لترتب ذكره على ذكر المسبب، وإذا عطف * (أخذوا) * عليه أو جعل حالا من الخبر يكون هو المقصود بالتفريع. وقرأ عبد الرحمن مولى بني هاشم عن أبيه وطلحة * (فلا فوت وأخذ) * مصدرين منونين.
وقرأ أبي * (فلا فوت) * مبنيا * (وأخذ) * مصدرا منونا، وإذا رفع أخذ كان خبر مبتدأ محذوف أي وحالهم أخذ أو مبتدأ خبره محذوف أي وهناك أخذ وإلى ذلك ذهب أبو حيان، وقال الزمخشري: قرىء وأخذ بالرفع على أنه معطوف على محل * (لا فوت) * ومعناه فلا فوت هناك وهناك أخذ.
* (وقالوا ءامنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد) *.
* (وقالوا ءامنا به) * أي بالله عز وجل على ما أخرجه جمع
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»