تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٦٢
محضة قال أبو البقاء: لأنه للماضي لا غير، وقال غيره: هو معرف بالإضافة إذ لم يجر على الفعل بل أريد به الاستمرار والثبات كما يقال زيد مالك العبيد جاء أي زيد الذي من شأنه أن يملك العبيد جاء، ومن جعل الإضافة غير محضة جعله بدلا وهو قليل في المشتقات، وكذا الكلام في * (جاعل. ورسلا) * على القول بأن إضافته غير محضة منصوب به بالاتفاق، وأما على القول الآخر فكذلك عند الكسائي، وذهب أبو علي إلى أنه منصوب بمضمر يدل هو عليه لأن اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي لا يعمل عنده كسائر البصريين إلا معرفا باللام، وقال أبو سعيد السيرافي: اسم الفاعل المتعدي إلى اثنين يعمل بالثاني لأنه بإضافته إلى الأول تعذرت إضافته إلى الثاني فتعين نصبه له.
وعلل بعضهم ذلك بأنه بالإضافة أشبه المعرف باللام فعمل عمله هذا على تقدير كون الجعل تصييريا أما على تقدير كونه إبداعيا فرسلا حال مقدرة، وقرأ الضحاك. والزهري * (فطر. جعل) * فعلا ماضيا ونصب ما بعده قال أبو الفضل الرازي: يحتمل أن يكون ذلك على إضمار الذي نعتا لله تعالى أو على تقدير قد فتكون الجملة حالا.
وأنت تعلم أن حذف الموصول الاسمي لا يجوز عند جمهور البصريين، وذهب الكوفيون. والأخفش إلى إجازته وتبعهم ابن مالك وشرط في بعض كتبه كونه معطوفا على موصول آخر ومن حجتهم * (آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم) * (العنكبوت: 46) وقول حسان: أمن يهجو رسول الله منكم * وينصره ويمدحه سواء وقول آخر: ما الذي دأبه احتياط وحزم * وهواه أطاع يستويان واختار أبو حيان كون الجملة خبر مبتدأ محذوف أي هو فطر. وقرأ الحسن * (جاعل) * بالرفع على المدح وجر * (الملائكة) * وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو * (جاعل) * بالرفع بلا تنوين ونصب * (الملائكة) * وخرج حذف التنوين على أنه لالتقاء الساكنين ونصب الملائكة إذا كان جاعل للمضي على مذهب الكسائي. وهشام في جواز أعمال الوصف الماضي النصب. وقرأ ابن يعمر. وخليد * (جعل) * فعلا ماضيا * (الملائكة) * بالنصب وذلك بعد قراءته * (فاطر) * كالجمهور كقراءة من قرأ * (فالق الأصباح وجعل الليل سكنا) * وفي " الكشاف " قرىء * (فطر. وجعل) * كلاهما بلفظ الفعل الماضي.
وقرأ الحسن: وحميد بن قيس * (رسلا) * بسكون السين وهي لغة تميم، وقوله تعالى: * (أولى أجنحة) * صفة لرسلا وأولو اسم جمع لذو كما إن أولاه اسم جمع لذا، ونظير ذلك من الأسماء المتمكنة المخاض، قال الجوهري: هي الحوامل من النوق واحدتها خلفة، و * (أجنحة) * جمع جناح صيغة جمع القلة ومقتضى المقام أن المراد به الكثرة.
وفي " البحر " قياس جمع الكثرة فيه جنح فإن كان لم يسمع كان أجنحة مستعملا في القليل والكثير، والظاهر أن الجناح بالمعنى المعروف عند العرب بيد أنا لا نعرف حقيقته وكيفيته ولا نقول إنه من ريش كريش الطائر. نعم أخرج ابن المنذر عن ابن جريج أن أجنحة الملائكة عليهم السلام زغبة، ورأيت في بعض كتب الإمامية أن الملائكة تزدحم في مجالس الأئمة فيقع من ريشها ما يقع وأنهم يلتقطونه ويجعلون منه ثيابا لأولادهم.
هذا عندي حديث خرافة، والكشفية منهم يؤولونه بما لا يخرجه عن ذلك، وقوله تعالى: * (مثنى وثلاث ورباع) * الظاهر أنه صفة لأجنحة، والمنع من الصرف على المشهور للصفة والعدل عن
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»