الله عز وجل فينسبون إليه سبحانه الشريك ويقولون الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أو في شأن الرسول عليه الصلاة والسلام فيقولون فيه وحاشاه: شاعر وساحر وكاهن أو في شأن العذاب أو البعث فيبتون القول بنفيه * (من مكان بعيد) * من جهة بعيدة من أمر من تكلموا في شأنه، والجملة عطف على * (وقد كفروا) * وكان الظاهر وقذفوا إلا أنه عدل إلى صيغة المضارع حكاية للحال الماضية، والكلام قيل لعله تمثيل لحالهم من التكلم بما يظهر لهم ولم ينشأ عن تحقيق بحال من يرمي شيئا لا يراه من مكان بعيد لا مجال للظن في لحوقه، وجوز الزمخشري كونه عطفا على * (قالوا آمنا به) * على أنهم مثلوا في طلبهم تحصيل ما عطلوه من الإيمان في الدنيا بقولهم آمنا في الآخرة وذلك مطلب مستبعد بمن يقذف شيئا من مكان بعيد لا مجال للظن في لحوقه حيث يريد أن يقع فيه لكونه غائبا عنه شاحطا. وقرأ مجاهد. وأبو حيوة. ومحبوب عن أبي عمرو * (يقذفون) * مبنيا للمفعول؛ قال مجاهد: أي ويرجمهم الوحي بما يكرهون مما غاب عنهم من السماء، وكأن الجملة في موضع الحال من ضمير كفروا كأنه قيل: وقد كفروا به من قبل وهم يقذفون بالحق الذي غاب عنهم وخفي عليهم، والمراد تعظيم أمر كفرهم، وجوز أن يراد بالغيب ما خفي من معايبهم أي وقد كفروا وهم يقذفهم الوحي من السماء ويرميهم بما خفي من معايبهم.
وقال أبو الفضل الرازي: أي ويرمون بالغيب من حيث لا يعلمون، ومعناه يجازون بسوء أعمالهم ولا علم لهم بمأتاه إما في حال تعذر التوبة عند معاينة الموت وإما في الآخرة انتهى، وفي حالية الجملة عليه نوع خفاء.
وقال الزمخشري: أي وتقذفهم الشياطين بالغيب ويلقنونهم إياه وكان الجملة عطف على * (قد كفروا) * وقيل أي يلقون في النار وهو كما ترى.
* (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا فى شك مريب) *.
* (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) * قال ابن عباس: هو الرجوع إلى الدنيا، وقال الحسن: هو الإيمان المقبول، وقال قتادة: طاعة الله تعالى، وقال السدي: التوبة، وقال مجاهد: الأهل والمال والولد.
وقيل أي حيل بين الجيش والمؤمنين بالخسف بالجيش أو بينهم وبين تخريب الكعبة أو بينهم وبين النجاة من العذاب أو بينهم وبين نعيم الدنيا ولذتها وروي ذلك عن مجاهد أيضاة و * (حيل) * مبني للمجهول ونائب الفاعل كما قال أبو حيان ضمير المصدر أي وحيل هو أي الحول؛ وحاصله وقعت الحيلولة ولإضماره لم يكن مصدرا مؤكدا فناب مناب الفاعل، وعلى ذلك يخرج قوله: وقالت متى يبخل عليك ويعتلل * يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب أي يعتلل هو أي الاعتلال، وقال الحوفي: قام الظرف مقام الفاعل، وتعقبه في " البحر " بأنه لو كان كذلك لكان مرفوعا والإضافة إلى الضمير لا تسوغ البناء وإلا لساغ جاء غلامك بالفتح ولا يقوله أحد، نعم للبناء للإضافة إلى المبنى مواضع أحكمت في النحو، وماذا يقول الحوفي في قوله: وقد حيل بين العير والنزوان فإنه نصب بين مع إضافتها إلى معرب. وقرأ ابن عامر. والكسائي بإشمام الضم للحاء.
* (كما فعل بأشياعهم من قبل) * أي بأشباههم من كفرة الأمم الدارجة، و * (من قبل) * متعلق بأشياعهم على أن المراد من اتصف بصفتهم من قبل أي في الزمان الأول، ويرجحه أن ما يفعل بجميعهم في الآخرة إنما هو في وقت واحد أو متعلق بفعل إذا كانت الحيلولة في الدنيا، وعن الضحاك أن المراد بأشياعهم أصحاب الفيل، والظاهر أنه جعل الآية في السفياني ومن معه.