تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ٨٣
كان نبيا، والأكثرون على أنه كان في زمن داود عليه السلام ولم يكن نبيا. واختلف فيه أكان حرا أو عبدا والأكثرون على أنه كان عبدا. واختلفوا فقيل: كان حبشيا، وروى ذلك عن ابن عباس. ومجاهد.
وأخرج ذلك ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا، وذكر مجاهد في وصفه أنه كان غليظ الشفتين مصفح القدمين، وقيل: كان نوبيا مشقق الرجلين ذا مشافر، وجاء ذلك في رواية عن ابن عباس. وابن المسيب. ومجاهد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لجابر بن عبد الله ما انتهى إليكم من شأن لقمان؟ قال: كان قصيرا أفطس من النوبة، وأخرج هو. وابن جرير. وابن المنذر عن ابن المسيب أنه قال: إن لقمان كان أسود من سودان مصر ذا مشافر أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة. واختلف فيما كان يعانيه من الأشغال فقال خالد بن الربيع: كان نجارا بالراء، وفي معانى الزجاج كان نجادا بالدال وهو على وزن كتاب من يعالج الفرش والوسائد ويخيطهما.
وأخرج ابن أبي شيبة. وأحمد في الزهد. وابن المنذر عن ابن المسيب أنه كان خياطا وهم أعم من النجاد. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان راعيا وقيل: كان يحتطب لمولاه كل يوم حزمة ولا وثوق لي بشيء من هذه الأخبار وإنما نقلتها تأسيا بمن نقلها من المفسرين الأخيار غير أني اختار أنه كان رجلا صالحا حكيما ولم يكن نبيا. و * (الحكمة) * على ما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس العقل والفهم والفطنة. وأخرج الفريابي. وأحمد في الزهد. وابن جرير. وابن أبي حاتم عن مجاهد أنها العقل والفقه والإصابة في القول، وقال الراغب: هي معرفة الموجودات وفعل الخيرات وقال الإمام: هي عبارة عن توفيق العمل بالعلم ثم قال: وإن أردنا تحديدا بما يدخل فيه حكمة الله تعالى فنقول: حصول العمل على وفق المعلوم وقال أبو حيان: هي المنطق الذي يتعظ به ويتنبه ويتناقله الناس لذلك، وقيل: اتقان الشيء علما وعملا وقيل: كمال حاصل باستكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها وفسرها كثير من الحكماء بمعرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بقدر الطاقة البشرية. ولهم تفسريات أخر وما لها وما عليها من الجرح والتعديل مذكوران في كتبهم ومن حكمته قوله لابنه: أي بني إن الدنيا بحر عميق وقد غرق فيها ناس كثير فاجعل سفينتك فيها تقوى الله تعالى وحشوها الايمان وشراعها التوكل على الله تعالى لعلك أن تنجو ولا أراك ناجيا، وقوله: من كان له من نفسه واعظ كان له من الله عز وجل حافظ ومن أنصف الناس من نفسه زاده الله تعالى بذلك عزا والذل في طاعة الله تعالى أقرب من التعزز بالمعصية وقوله: ضرب الوالد لولده كالسماد للزرع وقوله: يا بني إياك والدين فإنه ذل النهار هم الليل وقوله يا بني ارج الله عز وجل رجاء لا يجريك على معصيته تعالى وخف الله سبحانه خوفا لا يؤيسك من رحمته تعالى شأنه، وقوله: من كذب ذهب ماء وجهه ومن ساء خلقه كثير غمه ونقل الصخور من موضعها أيسر من إفهام من لا يفهم، وقوله: يا بني حملت الجندل والحديد وكل شيء ثقيل فلم أحمل شيئا هو أثقل من حار السوء، وذقت المرار فلم أذق شيئا هو أمر من الفقر، يا بني لا ترسل رسولك جاهلا فإن لم تجد حكيما فكن رسول نفسك، يا بني إياك والكذب فإنه شهي كلحم العصفور عما قليل يغلي صاحبه، يا بني احضر الجنائز ولا تحضر العرس فإن الجنائز تذكرك الآخرة والعرس يشهيك الدنيا، يا بني لا تأكل شبعا عل شبع فإن إلقاءك إياه للكب خير من أن تأكله، يا بني لا تكن حلوا فتبلع ولا مرا فتلفظ، وقوله لابنه: لا يأكل طعامك إلا الأتقياء وشاور في أمرك العلماء، وقوله: لا خير لك في أن تتعلم
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»