تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ٨٥
ولكن إذا ماحب شيء تولعت * به أحرف التصغير من شدة الوجد وقال آخر: ما قلت حبيبي من التحقير * بل يعذب اسم الشيء بالتصغير وقرأ البزي هنا * (يا بني) * بالسكون وفيما بعد * (يا بني إنها) * بكسر الياء * (ويا بني أقم) * بفتحها، وقنبل بالسكون في الأولى والثالث والكسر في الوسطى، وحفص. والمفضل عن عاصم بالفتح في الثلاثة على تقدير يا بنيا والاجتزاء بالفتحة عن الألف، وقرأ باقي السبعة بالكسر فيها * (لا تشرك بالله) * قيل: كان ابنه كافرا ولذا نهاه عن الشرك فلم يزل يعظه حتى أسلم، وكذا قيل في امرأته.
وأخرج ابن أبي الدنيا في نعت الخائفين عن الفضل الرقاشي قال: ما زال لقمان يعظ ابنه حتى مات.
وأخرج عن حفص بن عمر الكندي قال: وضع لقمان جرابا من خردل وجعل يعط ابنه موعظة ويخرج خردلة فنفد الخردل فقال: يا بني لقد وعظتك موعظة لو وعظتها جبلا لتفطر فتفطر ابنه، وقيل: كان مسلما والنهي عن الشرك تحذير له عن صدوره منه في المستقبل، والظاهر أن الباء متعلق بما عنده، ومن وقف على * (لا تشرك) * جعل الباء للقسم أي أقسم بالله تعالى * (إن الشرك لظلم عظيم) * والظاهر أن هذا من كلام لقمان ويقتضيه كلام مسلم في " صحيحه "، والكلام تعليل للنهي أو الانتهاء عن الشرك، وقيل: هو خير من الله تعالى شأنه منقطع عن كلام لقمان متصل به في تأكيد المعنى، وكون الشرك ظلما لما فيه من وضع الشيء في غير موضعه وكونه عظيما لما فيه من التسوية بين من لا نعمة إلا منه سبحانه ومن لا نعمة له.
* (ووصينا الإنس‍ان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله فى عامين أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير) *.
* (ووصينا الإنسان بوالديه) * الخ كلام مستأنف اعترض به على نهج الاستطراد في أثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيه من النهي عن الإشراك فهو من كلام الله عز وجل لم يقله سبحانه للقمان، وقيل: هو من كلامه تعالى قاله جل وعلا وكأنه قيل: قلنا له اشكر وقلنا له وصينا الإنسان الخ، وفي " البحر " لما بين لقمان لابنه إن الشرك ظلم ونهاه عنه كان ذلك حثا على طاعة الله تعالى ثم بين أن الطاعة أيضا تكون للأبوين وبين السبب في ذلك فهو من كلام لقمان مما وصى به ابنه أخبر الله تعالى عنه بذلك، وكلا القولين كما ترى، والمعنى وأمرنا الإنسان برعاية والديه * (حملته أمه وهنا) * أي ضعفا * (على وهن) * أي ضعف، والمصدر حال من * (أمه) * بتقدير مضاف أي ذات وهن؛ وجوز جعله نفسه حالا مبالغة لكنه مخالف للقياس إذ القياس في الحا لكونه مشتقا، ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا لفعل مقدر أي تهن وهنا، والجملة حال من * (أمه) * أيضا.
وأيا ما كان فالمراد تضعف ضعفا متزايدا بازدياد ثقل الحمل إلى مدة الطلق، وقيل: ضعفا متتابعا وهو ضعف الحمل وضعف الطلق وضعف النفاس، وجوز أن يكون حالا من الضمير المنصوب في * (حملته) * العائد على * (الإنسان) * وهو الذي يقتضيه ما أخرجه ابن جرير. وابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قال: * (وهنا) * الولد * (على وهن) * الوالدة وضعفها، والمراد أنه حملته حال كونه ضعيفا على ضعيف مثله، وليس المراد أنها حملته حال كونه متزايد الضعف ليقال إن ضعفه لا يتزايد بل ينقص. وقرأ عيسى الثقفي. وأبو عمرو في رواية * (وهنا على وهن) * بفتح الهاء فيهما فاحتمل أن يكون من باب تحريك العين إذا كانت حرف حلق كالشعر والشعر على القياس المطرد عند الكوفي كما ذهب إليه ابن جني، وأن يكون مصدر وهن بكسر الهاء يهوهن بفتحها فإن مصدره جاء كذلك وهذا كما يقال تعب يتعب تعبا كما قيل: وكلام صاحب " القاموس " ظاهر في عدم
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»