تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٠٥
أن يكون صاحب شريعة مستقلة فإن أولاد إبراهيم عليهم السلام كانوا على شريعته وقد اشتهر خلافه بل اشترط بعضهم فيه أن يكون صاحب كتاب أيضا والحق أنه ليس بلازم، وقيل: إن المراد بكونه صاحب شريعة أن يكون له شريعة بالنسبة إلى المبعوث إليهم وإسماعيل عليه السلام كذلك لأنه بعث إلى جرهم بشريعة أبيه ولم يبعث إبراهيم عليه السلام إليهم ولا يخفى ما فيه.
* (وكان يأمر أهله بالصلواة والزكواة وكان عند ربه مرضيا) * * (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة) * اشتغالا بالأهم وهو أن يبدأ الرجل بعد تكميل نفسه بتكميل من هو أقرب الناس إليه قال الله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين. وأمر أهلك بالصلاة قوا أنفسكم وأهليكم نارا) *. أو قصدا إلى تكميل الكل بتكميلهم لأنهم قدوة يؤتسى بهم.
وقال الحسن: المراد بأهله أمته لكون النبي بمنزلة الأب لأمته، ويؤيد ذلك أن في مصحف عبد الله وكان يأمر قومه والمراد بالصلاة والزكاة قيل معناهما المشهور، وقيل: المراد بالزكاة مطلق الصدقة، وحكى أنه عليه السلام كان يأمر أهله بالصلاة ليلا والصدقة نهارا، وقيل المراد بها تزكية النفس وتطهيرها * (وكان عند ربه مرضيا) * لاستقامة أقواله وأفعاله وهو اسم مفعول وأصله مرضوو فأعل بقلب واوه ياء لأنها طرف بعد واو ساكنة فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وقلبت الضمة كسرة.
وقرأ ابن أبي عبلة * (مرضوا) * من غير إعلال، وعن العرب أنهم قالوا: أرض مسنية ومسنوة وهي التي تسقى بالسواني.
* (واذكر فى الكت‍ابإدريس إنه كان صديقا نبيا) * * (واذكر في الكتاب إدريس) * هو نبي قبل نوح وبينهما على ما في زالمستدرك " عن ابن عباس ألف سنة وهو أخنوخ بن يرد بن مهلاييل بن أنوش بن قينان بن شيث ابن آدم عليه السلام، وعن وهب بن منبه أنه جد نوح عليه السلام، والمشهور أنه جد أبيه فإنه ابن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو أول من نظر في النجوم والجساب وجعل الله تعالى ذلك من معجزاته على ما في " البحر " وأول من خط بالقلم وخاط الثياب ولبس المخيط وكان خياطا وكانوا قبل يلبسون الجلود وأول مرسل بعد آدم، وقد أنزل الله تعالى عليه ثلاثين صحيفة وأول من اتخذ الموازين والمكاييل والأسلحة فقاتل بني قابيل، وعن ابن مسعود أنه الياس بعث إلى قومه أن يقولوا لا إله إلا الله ويعملوا ما شاؤا فأبوا وأهلكوا والمعول عليه الأول وإن روى القول بأنه الياس بن أبي حاتم بسند حسن عن ابن مسعود، وهذا اللفظ سرياني عند الأكثرين وليس مشتقا من الدرس لأن الاشتقاق من غير العربي مما لم يقل به أحد وكونه عربيا مشتقا من ذلك يرده منع صرفه، نعم لا يبعد أن يكون معناه في تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثرة دراسته * (إنه كان صديقا نبيا) * هو كما تقدم.
* (ورفعناه مكانا عليا) * * (ورفعناه مكانا عليا) * هو شرف النبوة والزلفى عند الله تعالى كما روي عن الحسن وإليه ذهب الجبائي. وأبو مسلم، وعن أنس. وأبي سعيد الخدري. وكعب. ومجاهد السماء الرابعة، وعن ابن عباس. والضحاك السماء السادسة وفي رواية أخرى عن الحسن الجنة لا شيء أعلا من الجنة، وعن النابغة الجعدي أنه لما أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعر الذي آخره. بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا * وإنا لنرجوا فوق ذلك مظهرا
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»