تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١١٦
أنى سألهي محمدا عنك بالحديث فاضربه بالسيف فإن الناس إذا قتلته لم يزيدوا على أن يرضوا بالدية ويكرهوا الحرب فسنعطيهم الدية فقال أربد: افعل فأقبلا راجعين فقال عامر: يا محمد قم معي أكلمك فقام عليه الصلاة والسلام معه فخليا إلى الجدار ووقف عامر يكلمه وسل أربد السيف فلما وضع يده عليك يبست على قائمه فلم يستطع سله وأبطأ على عامر فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أربد وما يصنع فانصرف عنهما وقال عامر لأربد: ما لك؟ قال: وضعت يدي على قائم سيفي فيبست فلما خرجا حتى إذا كانا بالرقم نزلا فخرج إليهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فوقع بهما أسيد قال: اشخصا يا عدوى الله تعالى لعنكم الله تعالى فقال عامر: من هذا يا سعد؟ فقال: هذا أسيد بن حضير الكتائب فقال: أما والله إن كان حضير صديقا لي، ثم إن الله سبحانه أرسل على أربد صاعقة فقتلته وخرج عامر حتى إذا كان بوادي الجريد أرسل الله تعالى عليه قرحة فأدركه الموت، وفي رواية أنه كان يصيح يا لعامر أغدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية فأنزل الله تعالى فيهما: * (الله يعلم ما تحمل كل أنثى) * إلى قوله سبحانه: * (له معقبات) * إلى آخره ثم قال: المعقبات من أمر الله يحفظون محمدا صلى الله عليه وسلم، وجاء في رواية أخرى عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: هذه للنبي عليه الصلاة والسلام خاصة، والأكثرون على اعتبار العموم، وسبب النزول لا يأبى ذلك والله تعالى أعلم، ثم أنه سبحانه بعد أن ذكر إحاطة علمه بالعباد وإن لهم معقبات يحفظونهم من أمره جل شأنه نبه على لزوم الطاعة ووبال المعصية فقال عز من قائل: * (إن الله لا يغير ما بقوم) * من النعمة والعافية * (حتى يغيروا ما بأنفسهم) * ما اتصفت به ذواتهم من الأحوال الجميلة لا ما أضمروه ونووه فقط، والمراد بتغبير ذلك تبديله بخلافه لا مجرد تركه، وجاء عن علي كرم الله تعالى وجهه مرفوعا يقول الله تعالى: " وعزتي وجلالي وارتفاعي فوق عرشي ما من أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل ببادية كانوا على ما كرهت من معصيتي ثم تحولوا عنها إلى ما أحببت من طاعتي إلا تحولت لهم عما يكرهون من عذابي إلى ما يحبون من رحمتي وما من أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل ببادية كانوا على ما أحببت من طاعتي ثم تحولوا عنها إلى ما كرهت من معصيتي إلا تحولت لهم عما يحبون من رحمتي إلى ما يكرهون من عذابي " أخرجه ابن أبي شيبة. وأبو الشيخ. وابن مردويه.
واستشكل ظاهر الآية حيث أفادت أنه لا يقع تغيير النعم بقوم حتى يقع تغيير منهم بالمعاصي مع أن ذلك خلاف ما قررته الشريعة من أخذ العامة بذنوب الخاصة ومنه قوله سبحانه: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * (الأنفال: 25) وقوله عليه الصلاة والسلام وقد سئل: " أنهلك وفينا الصالحون؟ نعم إذا كثر الخبث " وقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله سبحانه بعقاب " في أشياء كثيرة وأيضا قد ينزل الله تعالى بالعبد مصائب يزيد بها أجره، وقد يستدرج المذنب بترك ذلك.
وأولها ابن عطية لذلك بأن المراد حتى يقع تغيير ما منهم أو ممن هو منهم كما غير سبحانه بالمنهزمين يوم أحد بسبب تغيير الرماة ما بأنفسهم والحق أن المراد أن ذلك عادة الله تعالى الجارية في الأكثر لا أنه سبحانه لا يصيب قوما إلا بتقدم ذنب منهم فلا إشكال، قيل: ولك أن تقول: إن قوله سبحانه:
* (وإذا أراد الله سوءا فلا مرد له) * تتميم لتدارك ما ذكر وفيه تأمل، والسوء يجمع كل ما يسوء من مرض وفقر وغيرهما من أنواع البلاء، و * (مرد) * مصدر ميمي أي فلا رد له، والعامل في * (إذا) * ما دل
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»