تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١١٧
عليه الجواب لأن معمول المصدر وكذا ما بعد الفاء لا يتقدم عليه، والتقدير كما قال أبو البقاء وقع أو لم يرد أو نحو ذلك، والظاهر أن * (إذا) * للكلية، وقد جاءت كذلك في أكثر الآيات * (وما لهم من دونه) * سبحانه * (من وال) * يلي أمورهم من ضرر ونفع ويدخل في ذلك دخولا أوليا دفع السوء عنهم، وقيل: الأول إشارة إلى نفي الدافع بالدال وهذا إشارة إلى نفي الرافع بالراء لئلا يتكرر ولا حاجة إلى ذلك كما لا يخفى. واستدل بالآية على أن خلاف مراد الله تعالى محال. واعترض بأنها إنما تدل على أنه تعالى إذا أراد بقوم سوءا وجب وقوعه ولا تدل على أن كل مراد له تعالى كذلك ولا على استحالة خلافه بل على عدم وقوعه، وأجيب بأنه لا فرق بين إرادة السوء وإرادة غيره لكن اقتصر على إرادة الأول لأن الكلام في الانتقام من الكفار وهو أبلغ في تخويفهم فإذا امتنع رد السوء فغيره كذلك، والمراد بالاستحالة عدم الإمكان الوقوعي لا الذاتي ولا يخفى أن هذا خلاف الظاهر، ومن أعجب ما قيل: إن الجمهور احتجوا بالآية على أن المعاصي مما يشملها السوء وأنها يخلقه تعالى، ومن الناس من جعل الآية متعلقة بقوله تعالى: * (ويستعجلونك بالسيئة) * إلى آخره وبين ذلك أبو حيان بما لا يرتضيه إنسان، وقيل: إن فيها إيذانا بأنهم بما باشروه من إنكار البعث واستعجال السيئة واقتراح الآية قد غيروا ما في أنفسهم من الفطرة فاستحقوا لذلك حلول غضب الله تعالى هذا. ووقف ابن كثير على * (هاد) * وكذا * (واق) * حيث وقع وعلى * (وال) * هنا و * (باق) * في النحل بإثبات الياء وباقي السبعة وقفوا بحذفها. وفي الإقناع لأبي جعفر ابن الباذش عن ابن مجاهد الوقف في جميع الباب لابن كثير بالياء وهذا لا يعرفه المكيون، وفيه أيضا عن أبي يعقوب الأزرق عن ورش أنه خيره في الوقف في جميع الباب بين أن يقف بالياء وأن يقف بحذفها كذا في " البحر " وفيه أنه أثبت ابن كثير. وأبو عمرو في رواية ياء * (المتعال) * وقفا ووصلا وهو الكثير في لسان العرب وحذفها الباقون وصلا ووقفا لأنها كذلك رسمت في الإمام.
واستشهد سيبويه لحذفها في الفواصل والقوافي وأجاز غيره حذفها مطلقا ووجهه حذفها مع أنها تحذف مع التنوين وأل معاقبة له أجراء المعاقب مجرى المعاقب.
* (هو الذى يريكم البرق خوفا وطمعا وينشىء السحاب الثقال) * .
* (هو الذي يريكم البرق خوفا) * من الصاعقة * (وطمعا) * في الغيث قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن أنه قال: خوفا لأهل البحر وطمعا لأهل البر. وعن قتادة خوفا للمسافر من أذى المطر وطمعا للمقيم في نفعه، وعن الماوردي خوفا من العقاب وطمعا في الثواب، والمراد من البر معناه المتبادر وعن ابن عباس أن المراد به الماء فهو مجاز من باب إطلاق اليء على ما يقارنه غالبا.
ونصب * (خوفا وطمعا) * على أنهعما مفعول له - ليركم - واتحاد فاعل العلة والفعل المعلل ليس شرطا للنصب مجمعا، ففي شرح الكافية للرضى وبعض النحاة لا يشترط تشاركهما في الفاعل وهو الذي يقوي في ظني وإن كان الأغلب هو الأول. واستدل على جواز عدم التشارك بما ذكرناه في حواشينا على شرح القطر للمصنف.
وفي " همع الهوامع " و " شرط الأعلم " والمتأخرون المشاركة للفعل في الوقت والفاعل ولم يشترط ذلك سيبويه ولا أحد من المتقدمين، واحتاج المشترطون إلى تأويل هذا للاختلاف في الفاعل فإن فاعل الإراءة هو الله تعالى وفاعل الطمع والخوف غيره سبحانه فقيل: في الكلام مضاف مقدر وهو إرادة أي يريكم ذلك إرادة أن تخافوا وتطمعوا فالمفعول له المضاف المقدر وفاعله وفاعل الفعل المعلل به واحد، وقيل: الخوف والطمع موضوعان
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»