الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٩
فقرأ مصعب حم والكتاب المبين انا جعلناه قرآنا عربيا لقوم يعقلون قال سعد بن معاذ رضي الله عنه ما أسمع الا ما أعرف فرجع وقد هداه الله * وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال أبو جهل والملا من قريش قد انتشر علينا أمر محمد صلى الله عليه وسلم فلو التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر فقال عتبة علمت من ذلك علما وما يخفى على أن كان كذلك فاتاه فلما أتاه قال له يا محمد أنت خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب فلم يجبه قال فيه تشتم آلهتنا وتظل آباءنا فان كنت انما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسنا ما بقيت وان كان بك الباءة زوجناك عشرة نسوة تختار من أي بنات قريش وان كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغنى به أنت وعقبك من بعدك ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم فلما فرغ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا فقرأ حتى بلغ فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فامسك عتبة على فيه وناشده الرحم ان يكف عنه ولم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم فقال أبو جهل يا معشر قريش ما نرى عتبة الا قد صبا إلى محمد وأعجبه طعامه وما ذاك الا من حاجة أصابته انتقلوا بنا إليه فاتوه فقال أبو جهل والله يا عتبة ما حسبنا الا انك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره فان كنت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن محمد فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمدا أبدا وقال لقد علمتم انى أكثر قريش مالا ولكني أتيته فقص عليهم القصة فأجابني بشئ والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة قرأ بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا حتى بلغ أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأمسكت بفيه وناشدته الرحم فكيف وقد علمتم ان محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت ان ينزل بكم العذاب * وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ان قريشا اجتمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد فقال لهم عتبة بن ربيعة دعوني حتى أقوم إلى محمد فأكلمه فإني عسى ان أكون أرفق به منكم فقام عتبة حتى جلس إليه فقال يا ابن أخي انك أوسطنا بيتا وأفضلنا مكانا وقد أدخلت في قومك ما لم يدخل رجل على قومه قبلك فان كنت تطلب بهذا الحديث مالا فدلك لك على قومك ان تجمع لك حتى تكون أكثرنا مالا وان كنت تريد شرفا فنحن مشرفوك حتى لا يكون أحد من قومك فوقك ولا نقطع الأمور دونك وان كان هذا عن لم يصيبك لا تقدر على النزوع عنه بذلنا لك خزائننا في طلب الطلب لذلك منه وان كنت تريد ملكا ملكناك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرغت يا أبا الوليد قال نعم فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم حم السجدة حتى مر بالسجدة فسجد وعتبة ملق يده خلف ظهره حتى فرغ من قراءتها وقام عتبة لا يدرى ما يراجعه به حتى أتى نادى قومه فلما رأوه مقبلا قالوا لقد رجع إليكم بوجه ما قام به من عندكم فجلس إليهم فقال يا معشر قريش قد كلمته بالذي أمرتموني به حتى إذا فرغت كلمني بكلام لا والله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني فيما بعده اتركوا الرجل واعتزلوه فوالله ما هو بتارك ما هو عليه وخلوا بينه وبين سائر العرب فان يكن يظهر عليهم يكن شرفه شرفكم وعزه عزكم وملكه ملككم وان يظهروا عليه تكونوا قد كفيتموه بغيركم قالوا أصبأت إليه يا أبا الوليد * وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه قال جئت أزور عائشة رضي الله عنها ورسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ثم سرى عنه فقال يا عائشة ناوليني ردائي فناولته ثم أتى المسجد فإذا مذكر يذكر فجلس حتى إذا قضى المذكر تذكره افتتح حم تنزيل من الرحمن الرحيم فسجد حتى طالت سجدته ثم تسامع به من كان على ميلين وتلا عليه السجدة فأرسلت عائشة رضي الله عنها في خاصتها ان احضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد رأيت ما لم أره منه منذ كنت معه فرفع رأسه فقال سجدت هذه السجدة شكرا لربي فيما أبلاني في أمتي فقال له أبو بكر رضي الله عنه وماذا أبلاك في أمتك قال أعطاني سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب فقال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله ان أمتك كثير طيب فازدد قال قد فعلت فأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا فقال يا رسول الله ازدد لامتك فقال بيده ثم قال بها على صدره فقال عمر رضي الله عنه وعيت يا رسول الله * وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الخليل بن مرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»
الفهرست