الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٩٧
بهم قال لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما صرنا فيه من الكرامة فإذا شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبون ما أصبنا من الخير فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة وأخبرهم انى قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه من الكرامة فاستبشروا بذلك فذلك قوله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم يعنى من إخوانهم من أهل الدنيا انهم سيحرصون على الجهاد ويلحقون بهم * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى في قوله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم قال إن الشهيد يؤتى بكتاب فيه من يقدم عليه من اخوانه وأهله يقال يقدم عليكم فلان يوم كذا وكذا يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا فيستبشر حين يقدم عليه كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا * قوله تعالى (يستبشرون بنعمة من الله وفضل) الآية * أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله يستبشرون بنعمة من الله وفضل الآية قال الآية جمعت المؤمنين كلهم سوى الشهداء وقلما ذكر الله فضلا ذكر به الأنبياء وثوابا أعطاهم الا ذكر ما أعطى المؤمنين من بعدهم * وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر أصحاب أحد والله لوددت انى غودرت مع أصحابي بنحص الجبل نحص الجبل أصله * وأخرج الحاكم وصححه عن جابر قال فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين فاء الناس من القتال فقال رجل رأيته عند تلك الشجرات وهو يقول أنا أسد الله وأسد رسوله اللهم أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء أبو سفيان وأصحابه واعتذر إليك مما صنع هؤلاء بانهزامهم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه فلما رأى جئته بكى ولما رأى ما مثل به شهق ثم قال ألا كفن فقام رجل من الأنصار فرمى بثوب عليه ثم قام آخر فرمى بثوب عليه ثم قال يا جابر هذا الثوب لأبيك وهذا العمى ثم جئ بحمزة فصلى عليه ثم يجاء بالشهداء فتوضع إلى جانب حمزة فيصلى عليهم ثم يرفع ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم قال فرجعت وأنا مثقل قد ترك أبى على دينا وعيالا فلما كان عند الليل أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا جابر إن الله أحيا أباك وكلمه قلت وكلمه كلاما قال قال له تمن فقال أتمنى ان ترد روحي وتنشئ خلقي كما كان وترجعني إلى نبيك فأقاتل في سبيلك فاقتل مرة أخرى قال انى قضيت انهم لا يرجعون وقال قال صلى الله عليه وسلم سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة * وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن أنس قال كفن حمزة في نمرة كانوا إذا مدوها على رأسه خرجت رجلاه فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يمدوها على رأسه ويجعلوا على رجليه من الإذخر وقال لولا أن تجزع صفية لتركنا حمزة فلم ندفنه حتى يحشر من بطون الطير والسباع * وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد من رأى مقتل حمزة فقال رجل أنا قال فانطلق فأرناه فخرج حتى وقف على حمزة فرآه قد بقر بطنه وقد مثل به فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ينظر إليه وقف بين ظهراني القتلى وقال أنا شهيد على هؤلاء القوم لفوهم في دمائهم فإنه ليس جريح يجرح الا جرحه يوم القيامة يدمى لونه لون الدم وريحه ريح المسك قدموا أكثر القوم قرآنا فاجعلوه في اللحد * وأخرج النسائي والحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص ان رجلا جاء إلى الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يصلى بنا فقال حين انتهى إلى الصف اللهم آتني أفضل ما تؤتى عبادك الصالحين فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال من المتكلم آنفا فقال أنا قال اذن يعقر جوادك وتستشهد في سبيل الله * وأخرج أحمد ومسلم النسائي والحاكم عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله له يا ابن آدم كيف وجدت منزلك فيقول أي رب خير منزل فيقول سل وتمنه فيقول ما أسألك وأتمنى أسألك ان تردني إلى الدنيا فاقتل في سبيلك عشر مرات لما رأى من فضل الشهادة قال ويؤتى بالرجل من أهل النار فيقول الله يا ابن آدم كيف وجدت منزلك فيقول أي رب شر منزل فيقول فتفتدي منه بطلاع الأرض ذهبا فيقول نعم فيقول كذبت قد سألتك دون ذلك فلم تفعل * وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض على أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فاما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده وعفيف متعفف ذو عيال وأما أول ثلاثة يدخلون النار فأمير
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة