الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ١٠١
من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه * قوله تعالى (الذين استجابوا لله) الآيات * أخرج ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمر وبن حزم قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمراء الأسد وقد أجمع أبو سفيان بالرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا رجعنا قبل ان نستأصلهم لنكرن على بقيتهم فبلغه ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج في أصحابه يطلبهم فثنى ذلك أبا سفيان وأصحابه ومر ركب من عبيد القيس فقال لهم أبو سفيان بلغوا محمدا أنا قد أجمعنا الرجعة إلى أصحابه لنستأصلهم فلما مر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد أخبروه بالذي قال أبو سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه حسبنا الله ونعم الوكيل فأنزل لله في ذلك الذين استجابوا لله والرسول الآيات * وأخرج موسى بن عقبة في مغازيه والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر المسلمين لموعد أبى سفيان بدرا فاحتمل الشيطان أولياءه من الناس فمشوا في الناس يخوفونهم وقالوا قد أخبرنا ان قد جمعوا لكم من الناس مثل الليل يرجون ان يواقعوكم فينتهبوكم فالحذر الحذر فعصم الله المسلمين من تخويف الشيطان فاستجابوا لله ورسوله وخرجوا ببضائع لهم وقالوا ان لقينا أبا سفيان فهو الذي خرجنا له وان لم نلقه ابتعنا بضائعنا فكان بدر متجرا يوافي كل عام فانطلقوا حتى أتوا موسم بدر فقضوا منه حاجتهم واخلف أبو سفيان الموعد فلم يخرج هو ولا أصحابه ومر عليهم ابن حمام فقال من هؤلاء قالوا رسول الله وأصحابه ينتظرون أبا سفيان ومن معه من قريش فقدم على قريش فأخبرهم فأرعب أبو سفيان ورجع إلى مكة وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بنعمة من الله وفضل فكانت تلك الغزوة تدعى غزوة جيش السويق وكانت في شعبان سنة ثلاث * وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال إن الله قذف في قلب أبى سفيان الرعب يوم أحد بعد الذي كان منه فرجع إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب وكانت وقعة أحد في شوال وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة وانهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم واشتد عليهم الذي أصابهم وان رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس لينطلقوا معه وقال انما ترحلون الآن فتأتون الحج ولا تقدرون على مثلها حتى عام مقبل فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال إن الناس قد جمعوا لكم فأبى عليه الناس ان يتبعوه فقال انى ذاهب وان لم يتبعني أحد فانتدب معه أبو بكر وعمر وعلى وعثمان والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو عبيدة بن الجراح في سبعين رجلا فساروا في طلب أبى سفيان فطلبوه حتى بلغوا الصفراء فأنزل الله الذين استجابوا لله والرسول الآية * وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح من طريق عكرمة عن ابن عباس قال لما رجع المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم بئسما صنعتم ارجعوا فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء الأسد أو بئر أبي عنبة شك سفيان فقال المشركون نرجع قابل فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت تعد غزوة فأنزل الله الذين استجابوا لله والرسول الآية وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه وسلم موعدكم موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا فاما الجبان فرجع وأما الشجاع فاخذ أهبة القتال والتجارة فاتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا فأنزل الله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل الآية * وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر الصغرى وبهم الكلوم خرجوا لموعد أبى سفيان فمر بهم أعرابي ثم مر بأبي سفيان وأصحابه وهو يقول ونفرت من رفقتي محمد * وعجوة للنثورة كالعنجد فتلقاه أبو سفيان فقال ويلك ما تقول فقال محمد وأصحابه تركتهم ببدر الصغرى فقال أبو سفيان يقولون ويصدقون ونقول ولا نصدق وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الاعراب وانقلبوا قال عكرمة ففيهم أنزلت هذه الآية الذين استجابوا لله والرسول إلى قوله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل * وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة