الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٢
بما يعظم به على أهل دينه فحلف فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إلى قوله ان ترد ايمان بعد ايمانهم فقام عمرو بن العاصي ورجل آخر فحلفا فنزعت الخمسمائة درهم من عدى بن بداء * وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر والنحاس والطبراني وأبو لشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال خرج رجل من بنى سهم مع تميم الداري وعدى بن بداء فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم فأوصى إليهما فلما قد ما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالله ما كتمتماها ولا اطلعتما ثم وجدوا الجام بمكة فقيل اشتريناه من تميم وعدى فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وان الجام لصاحبهم وأخذ الجام وفيه نزلت يا أيها الذين آمنوا - شهادة بينكم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال كان تميم الداري وعدى بن بداء رجلين نصرانيين يتجران إلى مكة في الجاهلية ويطيلان الإقامة بها فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم حولا متجرهما إلى المدينة فخرج بديل بن أبي مارية مولى عمرو بن العاصي تاجرا حتى قدم المدينة فخرجوا جميعا تجار إلى الشام حتى إذا كانوا ببعض الطريق اشتكى بديل فكتب وصيته بيده ثم دسها في متاعه وأوصى إليهما فلما مات فتحا متاعه فأخذا منه شيئا ثم حجراه كما كان وقد ما المدينة على أهله فدفعا متاعه ففتح أهله متاعه فوجدوا كتابه وعهده وما خرج به وفقدوا شيئا فسألوهما عنه فقالوا هذا الذي قبضنا له ودفع إلينا فقالوا لهما هذا كتابه بيده قالوا ما كتمنا له شيئا فترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت إلى قوله انا إذا لمن الآثمين فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يستحلفوهما في دبر صلاة العصر بالله الذي لا إله الا هو ما قبضنا له غير هذا ولا كتمنا فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم ظهر معهما على اناء من فضة منقوش مموه بذهب فقال أهله هذا من متاعه 7 ولكنا اشترينا منه ونسينا أن نذكره حين حلفنا فكرهنا ان نكذب نفوسنا فترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية الأخرى فان عثر على أنهما استحقا اثما فامر النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أهل الميت أن يحلفا على ما كتما وغيبا ويستحقانه ثم إن تميما الداري أسلم وبايع النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقول صدق الله ورسوله انا أخذت الاناء ثم قال يا رسول الله ان الله يظهرك على أهل الأرض كلها فهب لي قريتين من بيت لحم وهي القرية التي ولد فيها عيسى فكتب له بها كتابا فلما قدم عمر الشام أتاه تميم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر أنا حاضر ذلك فدفعها إليه * وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ شهادة بينكم مضاف برفع شهادة بغير نون وبخفض بينكم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس من طريق على عن أبي طلحة عن ابن عباس يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم هذا لمن مات وعنده المسلمون أمره الله ان يشهد على وصيته عدلين من المسلمين ثم قال أو آخران من غيركم ان أنتم ضربتم في الأرض فهذا لمن مات وليس عنده أحد من المسلمين أمره الله بشهادة رجلين من غير المسلمين فان ارتيب بشهادتهما استحلفا بالله بعد الصلاة ما اشترينا بشهادتنا ثمنا قليلا فان اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما قام رجلان من الأولياء فحلفا بالله أن شهادة الكافرين باطلة فذلك قوله تعالى فان عثر على أنهما استحقا اثما يقول إن اطلع على أن الكافرين كذبا قام الأوليان فحلفا انهما كذبا ذلك أدنى ان يأتي الكافران بالشهادة على وجهها أو يخافوا ان ترد ايمان بعد ايمانمهم فتترك شهادة الكافرين ويحكم بشهادة الأوليان فليس على شهود المسلمين أقسام انما الأقسام إذا كانا كافرين * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله اثنان ذوا عدل منكم قال من أهل الاسلام أو آخران من غيركم قال من غير أهل الاسلام وفى قوله فيقسمان بالله يقول يحلفان بالله بعد الصلاة وفى قوله فآخران يقومان مقامهما قال من أولياء الميت فيحلفان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما يقول فيحلفان بالله ما كان صاحبنا ليوصي بهذا وأنهما لكاذبان وفى قوله ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا ان ترد ايمان بعد ايمانهم يعنى أولياء الميت فيستحقون ماله بايمانهم ثم يوضع ميراثه كما أمر الله وتبطل شهادة الكافرين وهي منسوخة * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود أنه سئل عن هذه الآية اثنان ذوا عدل منكم قال ما من الكتاب
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة