الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٠
العالية قال كانوا عند عبد الله بن مسعود فوقع بين رجلين بعض ما يكون بين الناس حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه فقال رجل من جلساء عبد الله الا أقوم فأمرهما بالمعروف وأنها هما عن المنكر فقال آخر إلى جنبه عليك بنفسك فان الله تعالى يقول عليكم أنفسكم فسمعها ابن مسعود فقال مه لم يجئ تأويل هذه الآية بعد أن القرآن أنزل حيث أنزل ومنه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن ومنه ما وقع تأويلهن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنه آي يقع تأويلهن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنين ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم ومنه آي يقع تأويلهن عند الساعة ما ذكر من أمر الساعة ومنه آي يقع تأويلهن عند الحساب ما ذكره من أمر الحساب والجنة والنار فما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة ولم تلبسوا شيعا فلم يذق بعضكم باس بعض فمروا وانهوا فإذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستهم شيعا وذاق بعضكم باس بعض فامرؤ ونفسه فعند ذلك جاء تأويل هذه الآية * وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر انه قيل له لو جلست في هذه الأيام فلم تأمر ولم تنه فان الله قال عليكم أنفسكم فقال إنها ليست لي ولا لا صحابي لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا فليبلغ الشاهد الغائب فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب ولكن هذه الآية لأقوام يجيؤون من بعدنا ان قالوا لم يقبل منهم * وأخرج عبد الرزاق وابن جرير من طريق قتادة عن رجل قال كنت في حلافة عمر بن الخطاب بالمدينة في حلقه فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فيهم شيخ حسبت أنه قال أبي بن كعب فقرأ عليكم أنفسكم فقال انما تأويلها في آخر الزمان * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ من طريق قتادة عن أبي مازن قال انطلقت على عهد عثمان إلى المدينة فإذا قوم جلسوا فقرأ أحدهم عليكم أنفسكم فقال أكثرهم لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم * وأخرج ابن جرير عن جبير بن نفير قال كنت في حلقة فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأني لا صغر القوم فتذاكروا الامر بالمعروف والنهى عن المكر فقلت أليس الله يقول عليكم أنفسكم فاقبلوا على بلسان واحد فقالوا تنزع آية من القرآن لا تعرفها ولا تدرى ما تأويلها حتى تمنيت انى لم أكن تكلمت ثم أقبلوا يتحدثون فلما حضر قيامهم قالوا انك غلام حدث السن وانك نزعت آية لا تدري ما هي وعسى ان تدرك ذلك الزمان إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا واعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت * وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل انه قال يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال يا معاذ مروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فإذا رأيتم شحا مطاعا وهوى متبعا واعجاب كل امرئ برأيه فعليكم أنفسكم لا يضركم ضلالة غيركم فهو من ورائكم أيام صبر المتمسك فيها بدينه مثل القابض على الجمر فللعامل منهم يومئذ مثل عمل أحدكم اليوم كأجر خمسين منكم قلت يا رسول الله خمسين منهم قال بل خمسين منكم أنتم * وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال ذكرت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يجئ تأويلها لا يجئ تأوليها حتى يهبط عيسى بن مريم عليه السلام * وأخرج ابن مردويه عن محمد بن عبد الله التيمي عن أبي بكر الصديق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله الا ضربهم الله بذل ولا أقر قوم المنكر بين أظهرهم الا عمهم الله بعقاب وما بينكم وبين أن يعمكم الله بعقاب من عنده الا أن تأولوا هذه الآية على غير أمر بمعروف ولا نهى عن منكر يا أيها الذي آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم * وأخرج ابن مردويه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال خطب أبو بكر الناس فكان في خطبته قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الذين لا تتكلموا على هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ان الذاعر ليكون في الحلي فلا يمنعوه فيعمهم الله بعقاب * وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الحسن انه تلا هذه الآية عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم فقال يا لها من سعة ما أوسعاها ويا لها ثقة ما أوثقها * وأخرج أبو الشيخ عن عثمان الشحام أبى سلمة قال حدثني شيخ من أهل البصرة وكان له فضل وسن قال بلغني أن داود سال ربه قال يا رب كيف لي ان أمشى لك في الأرض واعمل لك فيها بنصح قال يا داود تحب من أحبني من أحرم وأبيض ولا يزال شفتاك رطبتين من ذكرى
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة