الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٧
المنذر عن ابن عباس نعم القوم أنتم ان كان ما كان من حلوفهم لكم وما كان من مر فهو لأهل الكتاب كأنه يرى أن ذلك في المسلمين ومن لم يحكم بما انزل الله فاؤلئك هم الكافرون * وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي مجلز ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الكافرون قال نعم قالوا ومن لم يحكم بنا نزل الله فأولئك هم الظالمون قال نعم قالوا فهؤلاء يحكمون بما أنزل الله قال نعم هو دينهم الذي به يحكمون والذي به يتكلمون واليه يدعون فإذا تركوا منه شيئا علموا انه جور منهم انما هذه اليهود والنصارى والمشركون الذين لا يحكمون بما أنزل الله * وأخرج عبد بن حميد عن حكيم بن جبير قال سالت سعيد بن جبير عن هذه الآيات في المائدة ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنزل الله فاؤلئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون فقلت زعم قوم انها نزلت على بني إسرائيل ولم تنزل علينا قال اقرأ ما قبلها وما بعدها فقرأت عليه فقال لا بل نزلت علينا ثم لقيت مقسما مولى ابن عباس فسألته عن هؤلاء الآيات التي في المائدة قلت زعم قوم انها نزلت على بني إسرائيل ولم تنزل علينا قال إنه نزل على بني إسرائيل ونزل علينا وما نزل علينا وعليهم فهو لنا ولهم ثم دخلت على علي بن الحسين فسألته عن هذه الآيات التي في المائدة وحدثته انى سالت عنها سعيد بن جبير ومقسما قال فما قال مقسم فأخبرته بما قال قال صدق ولكنه كفر ليس ككفر الشرك وفسق ليس كفسق الشرك وظلم لس كظلم الشرك فلقيت سعيد بن جبير فأخبرته بما قال فقال سعيد بن جبير لابنه كيف رأيته لقد وجدت له فضلا عليك وعلى مقسم * وأخرج سعيد بن منصور عن عمر قال ما رأيت مثل من قضى بين اثنين بعد هؤلاء الآيات * وأخرج سعيد قال استعمل أبو الدرداء على القضاء فأصبح يهينه قال تهنيني بالقضاء وقد جعلت على رأس مهواة منزلتها أبعد من عدن أبين ولو علم الناس ما في القضاء لأخذوه بالدول رغبة عنه وكراهية له ولو يعلم الناس ما في الاذان لأخذوه بالدول رغبة فيه وحرصا عليه * وأخرج ابن سعد عن يزيد بن موهب ان عثمان قال لعبد الله بن عمر اقض بين الناس قال لا أقضى بين اثنين ولا أؤم اثنين قال لا ولكنه بلغني ان القضاء ثلاثة رجل قضى بجهل فهو في النار ورجل حاف ومال به الهوى فهو في النار ورجل اجتهد فأصاب فهو كفاف لا أحر له ولا وزر عليه قال إن أباك كان يقضى قال ن أبى فإذا أشكل عليه شئ سأل النبي صلى الله عليه وسلم وإذا أشكل على النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل وإني لا أجد من أسأل أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ فقال عثمان بلى قال فإني أعوذ بالله ان تستعملني فأعفاه وقال لا تخبر بهذا أحدا * وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد العزيز بن أبي رواد قال بلغني ان قاضيا كان في زمن بني إسرائيل بلغ من اجتهاده ان طلب إلى ربه ان يجعل بينه وبينه علما إذ هو قضى بالحق عرف ذلك فقيل له ادخل منزلك ثم مد يدك في جدارك ثم انظر كيف تبلغ أصابعك من الجدار فاخطط عنده خطا فإذا أنت قمت من مجلس القضاء فارجع إلى ذلك الخط فامدد يدك إليه فإنك متى كنت على الحق فإنك ستبلغه وان قصرت عن الحق قصر بك فكان يغدو إلى القضاة وهو مجتهدو كان لا يقضى الا بالحق وكان إذا فرغ لم يذق طعاما ولا شرابا ولا يقضى إلى أهله بشئ حتى يأتي ذلك الخط فإذا بلغه حمد الله وأفضى إلى كل أحل الله له من أهل أو مطعم أو مشرب فلما كان ذات يوم وهو في مجلس القضاء أقبل إليه رجلان بدابة فوقع في نفسه انهما يريدان يختصمان إليه وكان أحدهما له صديقا وخدنا فتحرك قلبه عليه محبة ان يكون له فيقضى له به فلما ان تكلما دار الحق على صاحبه فقضى عليه فلما قام من مجلسه ذهب إلى خطه كما كان يذهب كل يوم فمد يده إلى الخط فإذا الخط قد ذهب وتشمر إلى السقف وإذ أهو لا يبلغه فخر ساجدا وهو يقول يا رب شيئا لم أتعمد فقيل له أتحسبن أن الله لم يطلع على جور قلبك حيث أحببت ان يكون الحق لصديقك فتقضى له به قد أردته وأحببته ولكن الله قد رد الحق إلى أهله وأنت لذلك كاره * وأخرج الحكيم الترمذي عن ليث قال تقدم على عمر بن الخطاب خصمان فأقامهما ثم عادا ففصل بينهما فقيل له في ذلك فقال تقدما إلى فوجدت لأحدهما ما لم أجد لصاحبه فكرهت ان أفصل بينهما ثم عادا فوجدت بعض ذلك فكرهت ثم عادا وقد ذهب ذلك ففصلت بينهما * قوله تعالى (وكتبنا عليهم فيها) الآية * أخرج ابن جرير عن ابن جريج قال لما رأت قريظة النبي صلى الله عليه وسلم حكم بالرجم وقد
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة