الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٨١
أخيكم قالوا فأرسله قال فهلا قبل ان تأتوني به ان الامام إذا أتى بحد لم يسغ له ان يعطله * قوله تعالى (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح) * أخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمران امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقطعت يدها اليمنى فقالت هل لي من توبة يا رسول الله قال نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك فأنزل الله في سورة المائدة فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فان الله يتوب عليه ان الله غفور رحيم * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله فمن تاب من بعد طله وأصلح فان الله يتوب عليه يقول الحد كفارته * وأخرج عبد الرزاق عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل سرق شملة فقال ما أخاله سرق أسرقت قال نعم قال اذهبوا به فاقطعوا يده ثم احسموها ثم ائتوني به فاتوه به فقال تبت إلى الله فقال انى أتوب إلى الله قال اللهم تب عليه * وأخرج عبد الرزاق عن ابن المنكدر ان النبي صلى الله عليه وسلم قطع رجلا ثم أمر به فحسم وقال تب إلى الله فقال أتوب إلى الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان السارق إذا قطعت يده وقعت في النار فان عاد تبعها وان تاب استشلاها يقول استرجعها * قوله تعالى (يا أيها الرسول لا يحزنك) الآية * أخرج ابن المنذر وابن بي حاتم عن ابن عباس في قوله يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر قال هم اليهود من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم قال هم المنافقون * وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر والطبراني والشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال إن الله أنزل ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون الظالمون الفاسقون أنزلها الله في طائفتين من اليهود قهرت إحداهما الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق فكانوا على ذلك حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فنزلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ لم يظهر عليهم فقامت الذليلة فقالت وهل كان هذا في حين قط دينهما واحد ونسبهما واحد وبلدهما واحد ودية بعضهم نصف دية بعض انما أعطينا كم هذا ضيما منكم لنا وفرقا منكم فاما إذ قدم محمد صلى الله عليه وسلم فلا نعطيكم ذلك فكادت الحرب تهيج بينهم ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ففكرت العزيزة فقالت والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ولقد صدقوا ما أعطونا هذا الا ضيما وقهرا لهم فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر الله ورسوله بأمرهم كله وماذا أرادوا فأنزل الله يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إلى قوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ثم قال فيهم والله أنزلت * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عامر الشعبي في قوله لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر قال رجل من اليهود قتل رجلا من أهل دينه فقالوا لحلفائهم من المسلمين سلوا محمدا صلى الله عليه وسلم فان كان يقضى بالدية اختصمنا إليه وان كان يقضى بالقتل لم نأته * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن أبي هريرة ان أحبار اليهود اجتمعوا في بيت المدارس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد زنى رجل بعد إحصانه بامرأة من اليهود وقد أحصنت فقالوا ابعثوا هذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد فاسألوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم فيهما فان حم بعملكم من التجبية والجلد بحبل من ليف مطلي بقار ثم يسود وجوههما ثم يحملان على حمارين وجوههما من قبل أدبار الحمار فاتبعوه فإنما هو ملك سيد قوم وان حكم فيهما بالنفي فإنه نبي فاحذروه على ما في أيديكم ان يسلبكم فاتوه فقالوا يا محمد هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم فيهما فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدارس فقال يا معشر يهود أخرجوا إلى علماء كم فاخرجوا إليه عبد الله بن صوريا وياسر بن أخطب ووهب بن يهود فقالوا هؤلاء علماءنا فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حصل أمرهم إلى أن قالوا لعبد الله بن صوريا هذا أعلم من بقى بالتوراة فخلا رسول الله صلى الله عليه وسلم به وشدد المسألة وقال يا ابن صوريا أنشدك الله وأذكرك أيامه عند بني إسرائيل هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة فقال اللهم نعم أما والله يا أبا القاسم انهم ليعرفون انك مرسل ولكنهم يحسدونك فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فامر بهما فرجما عند باب المسجد ثم كفر
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة