الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٦٧
ومن صبر على القوت الشديد أسكنه الله الفردوس حيث شاء * وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجة والبيهقي واللفظ له عن ابن عمر وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا وصبر على ذلك * وأخرج البيهقي عن أبي الحويرث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال طوبى لمن رزقه الله الكفاف وصبر عليه * وأخرج البيهقي عن عسعس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رجلا فسأل عنه فجاء فقال يا رسول الله انى أردت ان آتي هذا الجبل فأخلو فيه وأتعبد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصبر أحدكم ساعة على ما يكره في بعض مواطن الاسلام خير من عبادته خاليا أربعين سنة * وأخرج البيهقي من طريق عسعس ابن سلامة عن أبي حاضر الأسدي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رجلا فسأل عنه فقيل انه قد تفرد يتعبد فبعث إليه فأتى إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان موطنا من مواطن المسلمين أفضل من عبادة الرجل وحده ستين سنة قالها ثلاثا * وأخرج البخاري في الأدب والترمذي وابن ماجة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم الذي يخالط الناس ويصير على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم * وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم يسره ان يقيه الله من فيح جهنم ثم قال الا ان عمل الجنة حزن بربوة ثلاثا ألا ان عمل النار سهل لشهوة ثلاثا والسعيد من وقى الفتن ومن ابتلى فصبر فيالها ثم يا لها * وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثا الا آتاهم الله برزق * وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من حديث ابن عمر مثله * وأخرج البيهقي من وجه آخر ضعيف عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاع أو احتاج فكتمه الناس كان حقا على الله ان يرزقه رزق سنة من حلال * وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال ما من مؤمن تقى يجنس الله عنه الدنيا ثلاثة أيام وهو في ذلك راض عن الله من غير جزع الا وجبت له الجنة * وأخرج البيهقي عن شريح قال انى لأصاب بالمصيبة فاحمد الله عليها أربع مرات أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي وأحمده إذ رزقني الصبر عليها وأحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب وأحمده إذ لم يجعلها في ديني * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل منكم من يريد ان يؤتيه الله علما بغير تعلم وهديا بغير هداية هل منكم من يريد ان يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا الا انه من زهد في الدنيا وقصر أمله فيها أعطاه الله علما بغير تعلم وهدى بغير هداية الا انه سيكون بعدكم قوم لا يستقيم لهم الملك الا بالقتل والتجبر ولا الغنى الا بالبخل والفخر ولا المحبة الا بالاستحرام في الدين واتباع الهوى الا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر للفقر وهو يقدر على الغنى وصبر للبغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز لا يريد بذلك الا وجه الله أعطاه الله ثواب خمسين صديقا * وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الايمان الصبر والسماحة * وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنه من يستعف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله ولم تعطوا عطاء خيرا وأوسع من الصبر * وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب قال وجدنا خير عيشنا الصبر * وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال ما نال رجلا من جسيم الخير شئ الا بالصبر * قوله تعالى (والصلاة) * أخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله واستعينوا بالصبر والصلاة قال على مرضات الله واعلموا انهما من طاعة الله * وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير عن حذيفة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فرع إلى الصلاة * وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن أبي الدرداء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلة ريح كان مفزعه إلى المسجد حتى يسكن وإذا حدث في السماء حدث من كسوف شمس أو قمر كان مفزعه إلى الصلاة * وأخرج أحمد والنسائي وابن حبان عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانوا يعنى الأنبياء يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة * وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس انه كان في مسير له فنعى إليه ابن له فنزل فصلى ركعتين ثم استرجع وقال فعلنا كما أمرنا الله فقال واستعينوا بالصبر والصلاة
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست