الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٣١٩
يحكمه في ماله فألبسه طالوت سلاحا فكره داود أن يقاتله بسلاح وقال إن الله ان لم ينصرني عليه لم يغن السلاح شيئا فخرج إليه بالمقلاع ومخلاة فيها أحجار ثم برز له فقال له جالوت أنت تقاتلني قال داود نعم قال ويلك ما خرجت الا كما نخرج إلى الكلب بالمقلاع والحجارة لأبددن لحمك ولأطعمنه اليوم للطير والسباع فقال له داود بل أنت عدو الله شر من الكلب فاخذ داود حجرا فرماه بالمقلاع فأصابت بين عينيه حتى نفذت في دماغه فصرخ جالوت وانهزم من معه واحتز رأسه * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى قال عبر يومئذ النهر مع طالوت أبو داود فيمن عبر مع ثلاثة عشر ابنا له وكان داود أصغر بنيه وانه أتاه ذات يوم فقال يا أبتاه ما أرمى بقذافتي شيئا الا صرعته قال أبشر فان الله قد جعل رزقك في قذافتك ثم أتاه يوما آخر فقال يا أبتاه لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسدا رابضا فركبت عليه وأخذت بأذنيه فلم يهجني فقال أبشر يا بنى فان هذا خير يعطيكه الله ثم أتاه يوما آخر فقال يا أبتاه انى لأمشي بين الجبال فأسبح فما يبقى جبل الا سبح معي قال أبشر يا بنى فان هذا خير أعطاكه الله وكان داود راعيا وكان أبوه خلفه يأتي إليه والى إخوته بالطعام فأتى النبي بقرن فيه دهن وبثوب من حديد فبعث به إلى طالوت فقال إن صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا القرن على رأسه فيغلي حين يدهن منه ولا يسيل على وجهه يكون على رأسه كهيئة الإكليل ويدخل في هذا الثوب فيملؤه فدعا طالوت بني إسرائيل فجربهم به فلم يوافقه منهم أحد فلما فرغوا قال طالوت لأبي داود هل بقى لك ولد لم يشهدنا قال نعم بقى ابني داود وهو يأتينا بطعامنا فلما أتاه داود مر في الطريق بثلاثة أحجار فكلمنه وقلن له يا داود خذنا تقتل بنا جالوت فأخذهن فجعلهن في مخلاته وقد كان طالوت قال من قتل جالوت زوجته ابنتي وأجريت خاتمه في ملكي فلما جاء داود وضعوا القرن على رأسه فغلى حتى ادهن منه ولبس الثوب فملأه وكان رجلا مسقاما مصفارا ولم يلبسه أحد الا تقلقل فيه فلما لبسه داود تضايق عليه الثوب حتى تنقص ثم مشى إلى جالوت وكان جالوت من أجسم الناس وأشدهم فلما نظر إلى داود قذف في قلبه الرعب منه وقال له يا فتى ارجع فإني أرحمك ان أقتلك فقال داود لا بل أنا أقتلك وأخرج الحجارة فوضعها في القذافة كلما رفع حجرا سماه فقال هذا باسم أبى إبراهيم والثاني باسم أبى اسحق والثالث باسم أبى إسرائيل ثم أدار القذافة فعادت الأحجار حجرا واحدا ثم أرسله فصك به بين عيني جالوت فثقبت رأسه فقتله ثم لم تزل تقتل كل انسان تصيبه تنفذ منه حتى لم يكن بحيالها أحد فهزموهم عند ذلك وقتل داود جالوت ورجع طالوت فانكح داود ابنته وأجرى خاتمه في ملكه فمال الناس إلى داود وأحبوه فلما رأى ذلك طالوت وجد في نفسه وحسده فأراد قتله فعلم به داود فسجى له زق خمر في مضجعه فدخل طالوت إلى منام داود وقد هرب داود فضرب الزق ضربه فخرقه فسالت الخمر منه فقال يرحم الله داود ما كان أكثر شربه للخمر ثم إن داود أتاه من القابلة في بيته وهو نائم فوضع سهمين عند رأسه وعند رجليه وعن يمينه وعن شماله سهمين فلما استيقظ طالوت بصر بالسهام فعرفها فقال يرحم الله داود هو خير منى ظفرت به فقتلته وظفر بي فكف عنى ثم انه ركب يوما فوجده يمشى في البرية وطالوت على فرس فقال طالوت اليوم أقتل داود وكان داود إذا فزع لا يدرك فركض على أثره طالوت ففزع داود فاشتد فدخل غارا وأوحى الله إلى العنكبوت فضربت عليه بيتا فلما انتهى طالوت إلى الغار نظر إلى بناء العنكبوت فقال لو كان دخل ههنا لخرق بيت العنكبوت فتركه وملك داود بعدما قتل طالوت وجعله الله نبيا وذلك قوله وآتاه الله الملك والحكمة قال الحكمة هي النبوة آتاه نبوة شمعون وملك طالوت * وأخرج ابن المنذر عن ابن إسحاق وابن عساكر عن مكحول قالا زعم أهل الكتاب أن طالوت لما رأى انصراف بني إسرائيل عنه إلى داود هم بان يغتال داود فصرف الله ذلك عنه وعرف طالوت خطيئته والتمس التنصل منها والتوبة فأتى إلى عجوز كانت تعلم الاسم الذي يدعى به فقال لها انى قد أخطأت خطيئة لن يخبرني عن كفارتها الا اليسع فهل أنت منطلقة معي إلى قبره فداعية الله ليبعثه حتى أسأله قالت نعم فانطلق بها إلى قبره فصلت ركعتين ودعت فخرج اليسع إليه فسأله فقال إن كفارة خطيئتك ان تجاهد بنفسك وأهل بيتك حتى لا يبقى منكم أحد ثم رجع اليسع إلى موضعه وفعل ذلك طالوت حتى هلك وهلك أهل بيته فاجتمعت بنو إسرائيل على داود فأنزل الله عليه وعلمه صنعة الحديد فألانه له وأمر الجبال والطير أن يسبحن معه إذا سيح ولم يعط أحدا من خلقه مثل صوته وكان إذا قرأ الزبور؟؟؟ إليه الوحش حتى يؤخذ
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست