الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٥
ولد آدم كلهم وما لا تحب ان يؤتى إليك فلا تأته إلى أحد فأنت تقى لله حقا * وأخرج ابن أبي الدنيا عن أياس ابن معاوية قال رأس التقوى ومعظمه أن لا تعبد شيئا دون الله ثم تتفاضل الناس بالتقى والنهى * وأخرج ابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال فواتح التقوى حسن النية وخواتمها التوفيق والعبد فيما بين ذلك بين هلكات وشبهات ونفس تحطب على سلوها وعدو مكيد غير غافل ولا عاجر * وأخرج ابن أبي الدنيا عن محرز الطفاري قال كيف يرجو مفاتيح التقوى من يؤثر على الآخرة الدنيا * وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير * وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يوسف الفريابي قال قلت لسفيان أرى الناس يقولون سفيان الثوري وأنت تنام الليل فقال لي اسكت ملاك هذا الامر التقوى * وأخرج ابن أبي الدنيا عن شبيب بن شبة قال تكلم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن مروان فوصف المتقى فقال رجل آثر الله على خلقه وآثر الآخرة على الدنيا ولم تكر به المطالب ولم تمنعه المطامع نظر ببصر قلبه إلى تعالى ارادته فسما لها ملتمسا لها فزهده مخزون يبيت إذا نام الناس ذا شجون ويصبح مغموما في الدنيا مسبحون قد انقطعت من همته الراحة دون منيته فشفاؤه القرآن ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة لا يرى منها الدنيا عوضا ولا يستريح إلى لذة سواها فقال عبد الملك أشهد ان هذا أرجى بالا منا وانعم عيشا * وأخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه حتى تعلم من أين مطعمه ومن أين ملبسه ومن أين مشربه أمن حل ذلك أو من حرام * وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز انه لما ولى حمد الله وأثنى عليه ثم قال أوصيكم بتقوى الله فان تقوى الله خلف من كل شئ وليس من تقوى الله خلف * وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال يا أيها الناس اتقوا الله فإنه ليس من هالك الا له خلف الا التقوى * وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة قال لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي قالت طوبى للمتقين * وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال القيامة عرس المتقين * وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يزيد الرحبي قال قيل لأبي الدرداء انه ليس أحد له بيت في الأنصار الا قال شعرا فما لك لا تقول قال وأنا قلت فاستمعوه يريد المرء ان يعطى مناه * ويأبى الله الا ما أرادا يقول المرء فائدتي وذخري * وتقوى الله أفضل ما استفادا * وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العفيف وكان من أصحاب معاذ بن جبل قال يدخل أهل الجنة الجنة على أربعة أصناف المتقين ثم الشاكرين ثم الخائفين ثم أصحاب اليمين * قوله تعالى (الذين يؤمنون بالغيب) * أخرج جرير عن قتادة هدى للمتقين قال نعتهم ووصفهم بقوله الذين يؤمنون بالغيب الآية * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس في قوله الذين يؤمنون قال يصدقون بالغيب قال بما جاء منه يعنى من الله * وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله الذين يؤمنون بالغيب قال هم المؤمنون من العرب قال والايمان التصديق والغيب ما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار وما ذكر الله في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصحاب الكتاب أو علم كان عندهم والذين يؤمنون بما أنزل إليك هم المؤمنون من أهل الكتاب ثم جمع الفريقين فقال أولئك على هدى الآية * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله الذين يؤمنون بالغيب قال بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه والحياة بعد الموت * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله الذين يؤمنون بالغيب قال آمنوا بالبعث بعد الموت والحساب والجنة والنار وصدقوا بموعود الله الذي وعد في هذا القرآن * وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله عز وجل الذين يؤمنون بالغيب قال ما غاب عنهم من أمر الجنة والنار قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت أبا سفيان بن الحرث يقول وبالغيب آمنا وقد كان قومنا * يصلون للأوثان قبل محمد
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست