الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٥٣
شكرها * وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال إن الله ليمنع النعمة ما شاء فإذا لم يشكر قلبها عذابا * وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي كلاهما في كتاب الشكر والحاكم والبيهقي في شعب الايمان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أنعم الله على عبده من نعمة فعلم أنها من عند الله الا كتب الله له شكرها قبل ان يحمد وما علم الله من عبد ندامة على ذنب الا غفر له ذلك قبل ان يستغفره ان الرجل ليشترى الثوب بالدينار فيلبسه فيحمد الله فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له * وأخرج البيهقي في الشعب عن علي رضي الله عنه قال من قال حين يصبح الحمد لله على حسن المساء والحمد لله على حسن المبيت والحمد لله على حسن الصباح فقد أدى شكر ليلته ويومه * وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله بن سلام قال قال موسى عليه السلام يا رب ما الشكر الذي ينبغي لك قال لا يزال لسانك رطبا من ذكرى قال فانا نكون من الحال على حال نجلك ان نذكرك عليها قال ما هي قال الغائط واهراق الماء من الجنابة وعلى غير وضوء قال كلا قال يا رب كيف أقول قال تقول سبحانك اللهم وبحمدك لا إله الا أنت فجنبني الأذى سبحانك وبحمدك لا إله الا أنت 7 يعنى الأذى * واخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ان رجلا كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه فيقول النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له فجاء يوما فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف أنت يا فلان قال بخير ان شكرت فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يا نبي الله كنت تسألني وتدعوني وانك سألتني اليوم فلم تدع لي قال انى كنت أسألك فتشكر الله وإني سألتك اليوم فشككت في الشكر * واخرج ابن أبى الدنيا عن أبي قلابة قال لا تضركم دنيا إذا شكرتموها * واخرج ابن أبي الدنيا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه انه كان يقول في دعائه أسألك تمام النعمة في الأشياء كلها والشكر لك عليها حتى ترضى وبعد الرضا * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي حازم ان رجلا قال له ما شكر العينين قال إن رأيت بهما خيرا أعانته وان رأيت بهما شرا سترته قال فما شكر الاذنين قال إن سمعت خيرا وعيته وان سمعت بهما شرا أخفيته قال فما شكر اليدين قال لا تأخذ بهما ما ليس لهما ولا تمنع حقا لله عز وجل هو فيهما قال فما شكر البطن قال إن يكون أسفله طعاما وأعلاه علما قال فما شكر الفرج قال كما قال الله عز وجل الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم إلى قوله فأولئك هم العادون قال فما شكر الرجلين قال إن رأيت حيا غبطته بهما عملته وان رأيت ميتا مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله عز وجل فاما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فاخذ بطرفه ولم يلبسه فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر * وأخرج البيهقي في الشعب عن علي بن المديني قال قيل لسفيان ابن عيينة ما حد الزهد قال إن تكون شاكرا في الرخاء صابرا في البلاء فإذا كان كذلك فهو زاهد قيل لسفيان ما لشكر قال إن تجتنب ما نهى الله عنه * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عمر بن عبد العزيز قال قيد وانعم الله بالشكر لله عز وجل وشكر الله ترك المعصية * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن لوط الأنصاري قال كان يقال الشكر ترك المعصية * وأخرج ابن أبي الدنيا عن مخلد بن حسين قال كان يقال الشكر ترك المعاصي * وأخرج البيهقي عن الجنيد قال قال السرى يوما ما الشكر فقلت له الشكر عندي أن لا يستعان على المعاصي بشئ من نعمه * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سفيان بن عيينة قال قيل للزهري ما الزاهد قال من لم يغلب الحرام صبره ولم يمنع الحلال شكره * وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال الشكر يأخذ بجرم الحمد وأصله وفرعه فلينظر في نعم من الله في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك ليس من هذا شئ الا وفيه نعمة من الله حق على العبد أن يعمل بالنعم اللاتي هي في يديه لله عز وجل في طاعته ونعم أخرى في الرزق وحق عليه أن يعمل لله فيما أنعم به عليه من الرزق في طاعته فمن عمل بهذا كان أخذ بجرم الشكر وأصله وفرعه * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عامر قال الشكر نصف الايمان والصبر نصف الايمان واليقين الايمان كله وقال البيهقي أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي قال سئل الأستاذ أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي عن الشكر والصبر أيهما أفضل فقل هما في محل الاستواء فالشكر وظيفة السراء والصبر فريضة الضراء * واخرج الترمذي وحسنه وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للطاعم الشاكر من الاجر
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست