الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ١٤٢
أهلها اليهود أمره الله ان يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك إلى قوله فولوا وجوهكم شطره يعنى نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله قل لله المشرق والمغرب وقال أينما تولوا فثم وجه الله * وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والنحاس والبيهقي في سننه عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة * وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال أول ما نسخ من القرآن القبلة وذلك أن محمدا كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب فقال الله ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله وقال قد نرى تقلب وجهك الآية * وأخرج ابن جرير عن عكرمة مرسلا * وأخرج أبو داود في ناسخه عن أبي العالية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل وددت ان الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها فقال له جبريل انما أنا عبد مثلك ولا أملك لك شيئا الا ما أمرت فادع ربك رسله فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء ان يأتيه جبريل بالذي سأل فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك في السماء يقول انك تديم النظر إلى السماء للذي سألت فول وجهك شطر المسجد الحرام يقول فحول وجهك في الصلاة نحو المسجد الحرام وحيثما كنتم يعنى من الأرض فولوا وجوهكم في الصلاة شطره نحو الكعبة * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن أبي نافع والحجاج بن عمر وحليف كعب بن الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم انك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وانما يريدون فتنته عن دينه فأنزل الله سيقول السفهاء من الناس إلى قوله الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه أي ابتلاء واختبارا وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله أي ثبت الله وما كان الله ليضيع ايمانكم يقول صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم واتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا ان الله بالناس لرؤف رحيم إلى قوله فلا تكونن من الممترين * وأخرج وكيع وعبد ابن حميد وأبو داود في ناسخه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء في قوله سيقول السفهاء من الناس قال اليهود * وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال أول آية نسخت من القرآن القبلة ثم الصلاة الأولى * وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة بعد * وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على رأس ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلى نحو بيت المقدس فأنزل الله حين وجهه إلى البيت الحرام سيقول السفهاء من الناس وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود تقول قد اشتاق الرجل إلى بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة فكيف بمن مات منا وهو يصلى قبل بيت المقدس وفرح المشركون وقالوا ان محمدا قد التبس عليه أمره ويوشك ان يكون على دينكم فأنزل الله في ذلك هؤلاء الآيات * وأخرج ابن جرير عن السدى قال لما وجه النبي صلى الله عليه وسلم قبل المسجد الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا فقال المنافقون ما بالهم كانوا على قبلة زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها وقال المسلمون ليت شعرنا عن إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا وقال اليهود ان محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو ان يكون هو صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته إليكم وعلم أنكم كنتم أهدى منه ويوشك ان يدخل في
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست