وهذا يقتضى مدة أعمارهم، ثم حكم بفسقهم، ثم استثنى تعالى من تاب وأصلح من بعد القذف، فالاستثناء غير عامل في جلده بإجماع، وعامل في فسقه بإجماع، واختلف في عمله في رد الشهادة، والجمهور أنه عامل في رد الشهادة، فإذا تاب القاذف قبلت شهادته، ثم اختلفوا في صورة توبته، فقيل بأن يكذب نفسه، وإلا لم تقبل، وقالت فرقة منها مالك:
توبته أن يصلح وتحسن حاله. وإن لم يرجع عن قوله بتكذيب واختلف فقهاء المالكية متى تسقط شهادة القاذف فقال ابن الماجشون: بنفس قذفه، وقال ابن القاسم وغيره: لا تسقط حتى يجلد، فإن منع من جلده مانع عفو أو غيره لم ترد شهادته، قال اللخمي:
شهادته في مدة الأجل للإثبات موقوفة، و * (تابوا) * معناه: رجعوا، وقد رجح الطبري وغيره قول مالك، واختلف أيضا على القول بجواز شهادته، فقال مالك: تجوز في كل شئ بإطلاق، وكذلك كل من حد في شئ.
وقال سحنون: من حد في شئ فلا تجوز شهادته في مثل ما حد فيه، واتفقوا فيما أحفظ على ولد الزنا أن شهادته لا تجوز في الزنا.
وقوله سبحانه: * (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم...) * الآية: لما رمى هلال بن أمية الواقفي زوجته بشريك بن سحماء - عزم النبي صلى الله عليه وسلم على ضربه حد القذف; فنزلت هذه الآية حسبما هو مشروح في الصحاح، فجمعهما صلى الله عليه وسلم في المسجد،