تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٧٨
المعنى من تشبه بهم من عصاة المؤمنين، والمعنى في هذه الآية: سأجعل الصرف عن الآيات، عقوبة للمتكبرين على تكبرهم، وقوله: (وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها) حتم من الله على الطائفة التي قدر عليهم ألا يؤمنوا، وقوله: (ذلك): إشارة إلى الصرف المتقدم.
وقوله سبحانه: (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة...) الآية: هذه الآية مؤكدة للتي قبلها، وفيها تهديد.
وقوله سبحانه: (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار):
الخوار: صوت البقر، وقرأت فرقة: " له جؤار " - بالجيم -، أي: صياح، ثم بين سبحانه سوء فطرهم، وقرر فساد اعتقادهم بقوله: (ألم يروا أنه لا يكلمهم...) الآية: وقوله، (وكانوا ظالمين): إخبار عن جميع أحوالهم، ماضيا، وحالا، ومستقبلا، وقد مر في " البقرة " قصة العجل، فأغنى عن إعادته.
قال أبو عبيدة: يقال لمن ندم على أمر، وعجز عنه: سقط في يده، وقول بني إسرائيل: (لئن لم يرحمنا ربنا)، إنما كان بعد رجوع موسى، وتغييره عليهم، ورؤيتهم أنهم قد خرجوا من الدين، ووقعوا في الكفر.
وقوله سبحانه: (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا)، يريد: رجع من المناجاة، والأسف: قد يكون بمعنى الغضب الشديد، وأكثر ما يكون بمعنى الحزن، والمعنيان مترتبان هنا.
وعبارة * ص *: (غضبان): صفة مبالغة، والغضب غليان القلب، بسبب ما يؤلم و (أسفا): من أسف، فهو أسف، كفرق فهو فرق، يدل على ثبوت الوصف، ولو ذهب به مذهب الزمان، لقيل: آسف، على وزن فاعل، والأسف: الحزن. انتهى.
وقوله تعالى: (أعجلتم)، معناه: أسابقتم قضاء ربكم، واستعجلتم إتياني قبل الوقت الذي قدر به، قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: كان سبب إلقائه الألواح - غضبه على
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة