قال بدر الدين أبو عبد الله بن مالك / في شرح التسهيل: " ولن " كغيرها من حروف النفي في جواز كون استقبال المنفي بها منقطعا عند حد وغير منقطع، وذكر الزمخشري في " أنموذجه "، أن " لن " لتأبيد النفي، وحامله على ذلك اعتقاده أن الله تعالى لا يرى، وهو اعتقاد باطل، لصحة ثبوت الرؤية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستدل على عدم اختصاصها بالتأبيد بمجيء استقبال المنفي بها مغيا إلى غاية ينتهي بانتهائها، كما في قوله تعالى: (قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) [طه: 91]، وهو واضح. انتهى، ونحوه لابن هشام، ولفظه: ولا تفيد " لن " توكيد المنفي، خلافا للزمخشري في " كشافه "، ولا تأبيده، خلافا له في " أنموذجه "، وكلاهما دعوى بلا دليل، قيل: ولو كانت للتأبيد، لم يقيد منفيها ب " اليوم " في (فلن أكلم اليوم إنسيا) [مريم: 26] ولكان ذكره " الأبد " في (ولن يتمنوه أبدا) [البقرة: 95] تكرارا، والأصل عدمه. انتهى من " المغني ".
وقوله سبحانه: (فلما تجلى ربه للجبل): التجلي: هو الظهور من غير تشبيه ولا تكييف، وقوله: (جعله دكا)، المعنى: جعله أرضا دكا، يقال: ناقة دكاء، أي: لا سنام لها، (وخر موسى صعقا)، أي: مغشيا عليه، قاله جماعة من المفسرين.
قال * ص *: (وخر) معناه سقط، وقوله: (سبحانك)، أي: تنزيها لك، كذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: (تبت إليك)، معناه: من أن أسألك الرؤية في الدنيا، وأنت لا تبيحها فيها.
قال * ع *: ويحتمل عندي أنه لفظ قاله عليه السلام، لشدة هول المطلع، ولم يعن التوبة من شئ معين، ولكنه لفظ لائق بذلك المقام، والذي يتحرز منه أهل السنة أن تكون توبة من سؤال المحال، كما زعمت المعتزلة، وقوله: (وأنا أول المؤمنين)، أي:
من قومه، قاله ابن عباس وغيره، أو من أهل زمانه، إن كان الكفر قد طبق الأرض، أو أول المؤمنين بأنك لا ترى في الدنيا، قاله أبو العالية.
وقوله سبحانه: (فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) فيه تأديب، وتقنيع، وحمل على جادة السلامة، ومثال لكل أحد في حاله، فإن جميع النعم من عند الله سبحانه بمقدار،