وقوله سبحانه: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر): أي: بحر القلزم، (فأتوا على قوم)، قيل: هم الكنعانيون.
وقيل: هم من لخم وجذام، والقوم في كلام العرب: هم الرجال خاصة (يعكفون)، العكوف: الملازمة (على أصنام لهم)، قيل كانت بقرا.
وقال ابن جريج: كانت تماثيل بقر من حجارة وعيدان ونحوها، وذلك كان أول فتنة العجل، وقولهم: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة)، يظهر منه استحسانهم لما رأوه من تلك الآلهة، بجهلهم، فأرادوا أن يكون ذلك في شرع موسى، وفي جملة ما يتقرب به إلى الله، وإلا فبعيد أن يقولوا لموسى: اجعل لنا صنما نفرده بالعبادة، ونكفر بربك، وعلى هذا الذي قلت يقع التشابه الذي نصه النبي صلى الله عليه وسلم في قول أبي واقد الليثي اجعل لنا، يا رسول الله، ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فأنكره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " الله أكبر! قلتم والله كما قالت بنو إسرائيل، (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة: لتتبعن سنن من قبلكم...) " الحديث، ولم يقصد أبو واقد بمقالته فسادا، وقال بعض الناس، كان ذلك من بني إسرائيل كفرا، ولفظة " الإله " تقتضي ذلك، وهذا محتمل، وما ذكرته أولا أصح، والله أعلم.
قلت: وقولهم: (هذا إلهكم وإله موسى) [طه: 88]، وجواب موسى هنا يقوى الاحتمال الثاني، نعم: الذي يجب أن يعتقد أن مثل هذه المقالات إنما صدرت من