تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٥٨
طلب أن يثير في نفسه سبب التسلي عنهم، فجعل يعدد معاصيهم وإعراضهم، ثم قال لنفسه لما نظر وفكر: (فكيف آسى على قوم كافرين)، ونحو هذا قوله صلى الله عليه وسلم لأهل قليب بدر، وأسى معناه: أحزن.
/ قال مكي: وسار شعيب بمن معه حتى سكن مكة إلى أن ماتوا بها.
وقوله سبحانه (وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) أخبر سبحانه أنه ما بعث نبيا في قرية، وهي المدينة إلا أخذ أهلها المكذبين له (بالبأساء) وهي المصائب في المال، وعوارض الزمن (والضراء) وهي المصائب في البدن، كالأمراض ونحوها، (لعلهم يضرعون) أي: ينقادون إلى الإيمان، وهكذا قولهم:
الحمى أضرعتني لك، (ثم بدلنا مكان السيئة)، وهي البأساء والضراء (الحسنة)، وهي السراء والنعمة (حتى عفوا): معناه: حتى كثروا، يقال: عفا النبات والريش، إذا كثر نباته، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " أحفوا الشوارب، وأعفوا اللحى " ولما بدل الله حالهم بالخير، لطفا بهم فنموا، رأوا أن إصابة الضراء والسراء إنما هي بالاتفاق، وليست بقصد، كما يخبر به النبي، واعتقدوا أن ما أصابهم من ذلك إنما هو كالاتفاق الذي كان لآبائهم، فجعلوه
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة