تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٦٣
وقوله عز وجل: (قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم * يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون) لا محالة أنهم خافوا أمر موسى، وجالت ظنونهم كل مجال، وقوله: (فماذا تأمرون) الظاهر أنه من كلام الملأ بعضهم لبعض، وقيل: إنه من كلام فرعون لهم، وروى كردم عن نافع: (تأمرون) بكسر النون وكذلك في " الشعراء " [الشعراء: 25].
و " ما ": استفهام، و " ذا ": بمعنى الذي، فهما ابتداء وخبر، وفي " تأمرون ": ضمير عائد على الذي، تقديره: تأمرون به، ويجوز أن تجعل " ماذا " بمنزلة اسم واحد في موضع نصب ب‍ " تأمرون " ولا يضمر فيه، على هذا، وقوله: (قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين * يأتوك بكل ساحر عليم) أشار الملأ على فرعون بأن يؤخر موسى وهارون، ويدع النظر في أمرهما، ويجمع السحرة، وحكى النقاش، أنه لم يكن يجالس فرعون ولد غية، وإنما كانوا أشرافا، ولذلك أشاروا بالإرجاء، ولم يشيروا بالقتل، وقالوا: إن قتلته، دخلت على الناس شبهة، ولكن أغلبه بالحجة.
وقوله سبحانه: (وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم لمن المقربين): " الأجر " هنا: الأجرة.
واختلف الناس في عدد السحرة على أقوال كثيرة ليس لها سند يوقف عنده، والحاصل من ذلك أنهم جمع عظيم، وقوله تعالى: (قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين * قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس)، وخير السحرة موسى في أن يتقدم في الإلقاء أو يتأخر، وهذا فعل المدل الواثق بنفسه، والظاهر أن التقدم في التخييلات والمخاريق أنجح، لأن بديهتها تمضي بالنفوس، فليظهر الله أمر نبوة موسى، قوى نفسه ويقينه، ووثق بالحق، فأعطاهم التقدم، فنشطوا وسروا حتى أظهر الله الحق،
(٦٣)
مفاتيح البحث: القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة