وقوله سبحانه: (تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين) " تلك " ابتداء، و " القرى " قال قوم: هو نعت، والخبر " نقص "، وعندي: أن " أهل القرى " هي خبر الابتداء، وفي ذلك معنى التعظيم لها، ولمهلكها، وهذا كما قيل في قوله تعالى: (ذلك الكتاب) [البقرة: 2] وكما قال عليه السلام: " أولئك الملأ " وكقول ابن أبي الصلت:
[البسيط].
تلك المكارم.............
وهذا كثير.
ثم ابتدأ سبحانه الخبر عن جميعهم بقوله: (ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل)، هذا الكلام يحتمل وجوها من التأويل:
أحدها: / أن يريد أن الرسول جاء لكل فريق منهم، فكذبوه لأول أمره، ثم استبانت حجته، وظهرت الآيات الدالة على صدقه، مع استمرار دعوته.، فلجوا هم في كفرهم، ولم يؤمنوا بما سبق به تكذيبهم.
والثاني: من الوجوه: أن يريد: فما كان آخرهم في الزمن ليؤمن بما كذب به أولهم في الزمن، بل مشى بعضهم على سنن بعض في الكفر، أشار إلى هذا التأويل النقاش.
والثالث: أن هؤلاء لو ردوا من الآخرة إلى الدنيا، لم يكن منهم إيمان، قاله مجاهد، وقرنه بقوله: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) [الأنعام: 28].
والرابع: أنه يحتمل: فما كانوا ليؤمنوا بما سبق في علم الله سبحانه، أنهم مكذبون به، وذكر هذا التأويل المفسرون.