تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٥٧
وقيل: إن هذا الاستثناء إنما هو تسنن وتأدب، وقوله: (وسع ربنا كل شئ علما):
معناه: وسع علم ربنا كل شئ، كما تقول: تصبب زيد عرقا أي: تصبب عرق زيد، ووسع بمعنى " أحاط "، وقوله: (افتح) معناه: احكم، وقوله: (على الله توكلنا):
استسلام لله سبحانه، وتمسك بلطفه، وذلك يؤيد التأويل الأول في قوله: (إلا أن يشاء الله ربنا). وقوله سبحانه: (وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا...) الآية: أي: قال الملأ لتباعهم ومقلديهم، و (الرجفة): الزلزلة الشديدة التي ينال الإنسان معها اهتزاز وارتعاد واضطراب، فيحتمل أن فرقة من قوم شعيب هلكت بالرجفة، وفرقة بالظلة، ويحتمل أن الظلة والرجفة كانتا في حين واحد.
* ت *: والرجفة هي الصيحة يرجف بسببها الفؤاد، وكذلك هو مصرح بها في قصة قوم شعيب في قوله سبحانه: (وأخذت الذين ظلموا الصيحة...) الآية [هود: 94]، وقوله سبحانه: (كأن لم يغنوا فيها) الضمير في قوله " فيها " عائد على دارهم، ويغنوا:
معناه: يقيمون بنعمة وخفض عيش، وهذا اللفظ فيه قوة الإخبار عن هلاكهم، ونزول النقمة بهم، والتنبيه على العبرة والاتعاظ بهم، ونحو هذا قول الشاعر: [الطويل] كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر قال * ع *: فغنيت في المكان، إنما يقال في الإقامة التي هي مقترنة بتنعم وعيش مرضي، وقوله: (يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم): كلام يقتضي حزنا وإشفاقا، لما رأى هلاك قومه، إذ كان أمله فيهم غير ذلك، ولما وجد في نفسه ذلك،
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة