وقوله سبحانه: (ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء...) الآية: " الجو مسافة ما بين السماء والأرض، وقيل: هو ما يلي الأرض منها، والآية عبرة بينة المعنى، تفسيرها تكلف محت، و (يوم ظعنكم) معناه رحيلكم، والأصواف: للضأن، والأوبار:
للإبل، والأشعار: للمعز، ولم تكن بلادهم بلاد قطن وكتان، فلذلك اقتصر على هذه ويحتمل أن ترك ذكر القطن والكتان والحرير إعراض عن السرف، إذ ملبس عباد الله الصالحين إنما هو الصوف، قال ابن العربي في " أحكامه " عند قوله تعالى: (لكم فيها دفء) [النحل: 5]: في هذه الآية دليل على لباس الصوف، فهو أول ذلك وأولاه، لأنه شعار المتقين، ولباس الصالحين، وشارة الصحابة والتابعين، واختيار الزهاد والعارفين، وإليه نسب جماعة من الناس " الصوفية "، لأنه لباسهم في الغالب انتهى.
/ " والأثاث " متاع البيت، واحدها أثاثة، هذا قول أبي زيد الأنصاري وقال غيره:
" الأثاث ": جميع أنواع المال، ولا واحد له من لفظه.
قال * ع *: والاشتقاق يقوي هذا المعنى الأعم، لأن حال الإنسان تكون بالمال أثيثة، كما تقول: شعر أثيث، ونبات أثيث، إذا كثر والتف، وال (سرابيل): جميع ما يلبس على جميع البدن، وذكر وقاية الحر، إذ هو أمس بتلك البلاد، والبرد فيها معدوم في الأكثر، وأيضا: فذكر أحدهما يدل على الآخر، وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لبس ثوبا جديدا، فقال: " الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الذي خلق، فتصدق به - كان في كنف الله، وفي حفظ الله، وفي ستر الله حيا وميتا " رواه الترمذي، واللفظ له، وابن ماجة، والحاكم في " المستدرك "، وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما اشترى عبد ثوبا