تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٣١
وقوله سبحانه: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا...) الآية:
" السكر ": ما يسكر، هذا هو المشهور في اللغة، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر، وأراد ب‍ " السكر ": الخمر، وب‍ " الرزق الحسن " جميع ما يشرب ويؤكل حلالا من هاتين الشجرتين، فالحسن، هنا: الحلال، وقال بهذا القول ابن جبير وجماعة وصحح ابن العربي هذا القول، ولفظه: والصحيح أن ذلك كان قبل تحريم الخمر، فإن هذه الآية مكية باتفاق العلماء، وتحريم الخمر مدني انتهى من " أحكام القرآن "، وقال مجاهد وغيره: السكر المائع من هاتين الشجرتين، كالخل، والرب، والنبيذ، والرزق الحسن: العنب والتمر.
قال الطبري: والسكر أيضا في كلام العرب ما يطعم، ورجح الطبري هذا القول، ولا مدخل للخمر فيه، ولا نسخ في الآية.
وقوله تعالى: (وأوحى وفي ربك إلى النحل...) الآية: الوحي، في كلام العرب:
إلقاء المعنى من الموحي إلى الموحى إليه في خفاء، فمنه الوحي إلى الأنبياء برسالة الملك، ومنه وحي الرؤيا، ومنه وحي الإلهام، وهو الذي في آيتنا، باتفاق من المتأولين، والوحي أيضا بمعنى الأمر، كما قال تعالى: (بأن ربك أوحى لها) [الزلزلة: 5]، وقد جعل الله بيوت النحل في هذه الثلاثة الأنواع: إما في الجبال وكواها، وإما في متجوف الأشجار، وإما في يعرش ابن آدم من الأجباح والحيطان، ونحوها، وعرش: معناه: هيأ، وال‍ (سبل) الطرق، وهي مسالكها في الطيران وغيره، و (ذللا): يحتمل أن يكون حالا من " النحل "، أي: مطيعة منقادة، قاله قتادة. قال ابن زيد: فهم يخرجون بالنحل
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة