تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٥
وخالق الناس بخلق حسن "، وخير الأمور أوساطها "، وقوله: " أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما "، وقوله: " الظلم ظلمات يوم القيامة "، وقوله في بعض دعائه: " اللهم، إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمري، وتلم بها شعثي، وتصلح بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتزكي بها عملي، وتلهمني بها رشدي، وترد بها ألفتي، وتعصمني بها من كل سوء، اللهم، إني أسألك الفوز في القضاء، ونزل الشهداء، وعيش السعداء، والنصر على الأعداء "، إلى غير ذلك من بيانه، وحسن كلامه مما روته الكافة عن الكافة مما لا يقاس به غيره، وحاز فيه سبقا لا يقدر قدره، كقوله:
" السعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه "، في أخواتها مما يدرك الناظر العجب في مضمنها، ويذهب به الفكر في أداني حكمها، وقال صلى الله عليه وسلم: " بيد أني من قريش، ونشأت في بنى سعد "، فجمع الله له بذلك قوة عارضة البادية وجزالتها، ونصاعة ألفاظ الحاضرة ورونق كلامها، إلى التأييد الإلهي الذي مدده الوحي، الذي لا يحيط بعلمه بشري. انتهى. وبالجملة فليس بعد بيان الله ورسوله بيان لمن عمر الله قلبه بالإيمان.
وقوله سبحانه: (أفأمن الذين مكروا السيئات...) الآية: تهديد لكفار مكة ونصب السيئات ب‍ (مكروا) وعدي (مكروا) لأنه في معنى عملوا، قال البخاري: قال ابن عباس: (في تقلبهم)، أي: في اختلافهم انتهى.
وقال المهدوي: قال قتادة: (في تقلبهم): في أسفارهم، الضحاك: (في تقلبهم): بالليل انتهى.
وقوله: (على تخوف)، على جهة التخوف، والتخوف التنقص، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خفي عليه معنى التخوف في هذه الآية، وأراد الكتب إلى الأمصار يسأل عن ذلك، فيروي أنه جاءه فتى من العرب، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أبي يتخوفني مالي، فقال عمر: الله أكبر! (أو يأخذهم على تخوف)، ومنه قول النابغة: [الطويل]
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة