تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٣
وائتوني بعسل، فإن الله تعالى يقول: (فيه شفاء للناس) وائتوني بزيت، فإن الله تعالى يقول: (من شجرة مباركة) [النور: 35] فجاءوه بذلك كله فخلطه جميعا، ثم شربه، فبرأ انتهى.
وقوله سبحانه: (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر)، وأرذل العمر الذي تفسد فيه الحواس، ويختل العقل، وخص ذلك بالرذيلة، وإن كانت حالة الطفولة كذلك من حيث كانت هذه لا رجاء معها، وقال بعض الناس: أول أرذل العمر خمس وسبعون سنة، روي ذلك عن علي رضي الله عنه.
قال * ع *: وهذا في الأغلب، وهذا لا ينحصر إلى مدة معينة، وإنما هو بحسب إنسان إنسان، ورب من يكون ابن خمسين سنة، وهو في أرذل عمره، ورب ابن تسعين ليس في أرذل عمره، واللام في (لكي) يشبه أن تكون لام الصيرورة، والمعنى: ليصير أمره بعد العلم بالأشياء إلى ألا يعلم شيئا، وهذه عبارة عن قلة علمه، لا أنه لا يعلم شيئا ألبتة.
وقوله سبحانه: (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق) إخبار يراد به العبرة وإنما هي قاعدة بني المثل عليها، والمثل هو أن المفضلين لا يصح منهم أن يساهموا مماليكهم فيما أعطوا، حتى تستوي أحوالهم، فإذا كان هذا في البشر، فكيف تنسبون أيها الكفرة إلى الله، أنه يسمح بأن يشرك في الألوهية الأوثان والأصنام وغيرها مما عبد من دونه، وهم خلقه وملكه، هذا تأويل الطبري، وحكاه عن ابن عباس قال المفسرون:
هذه الآية كقوله تعالى: (ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت إيمانكم من
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة