وقال أبو حاتم: قراءة أبي متدخلا بالتاء. وقرأ الأشهب العقيلي: لوالوا إليه لتابعوا إليه وسارعوا. وروي ابن أبي عبيدة بن معاوية بن نوفل، عن أبيه، عن جده وكانت له صحبة أنه قرأ لوالوا إليه من الموالاة، وأنكرها سعيد بن مسلم وقال: أظنها لو ألوا بمعنى للجأوا. وقال أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي: وهذا مما جاء فيه فاعل وفعل بمعنى واحد، ومثله ضاعف وضعف انتهى. وقال الزمخشر: وقرأ أبي بن كعب متدخلا لوالوا إليه لا لتجأوا إليه انتهى. وعن أبي لولوا وجوههم إليه. ولما كان العطف بأو عاد الضمير إليه مفردا على قاعدة النحو في أو، فاحتمل من حيث الصناعة أن يعود على الملجأ، أو على المدخل، فلا يحتمل على أن يعود في الظاهر على المغارات لتذكيره، وأما بالتأويل فيجوز أن يعود عليها. وهم يجمحون يسرعون إسراعا لا يردهم شيء. وقرأ أنس بن مالك والأعمش: وهم يجمزون. قيل: يجمحون، ويجمزون، ويشتدون واحد. وقال ابن عطية: يجمزون يهرولون، ومنه قولهم في حديث الرجم: فلما إذ لقته الحجارة جمز.
* (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) *: اللامز حرقوص بن زهير التميمي، وهو ابن ذي الخويصرة رأس الخوارج، كان الرسول صلى الله عليه وسلم) يقسم غنائم حنين فقال: إعدل يا رسول الله الحديث. وقيل: هو ابن الجواظ المنافق قال: ألا ترون إلى صاحبكم إنما يقسم صدقاتكم في رعاة الغنم. وقيل: ثعلبة بن حاطب كان يقول: إنما يعطى محمد قريشا. وقيل: رجل من الأنصار أتى الرسول بصدقة يقسمها، فقال: ما هذا بالعدل؟ وهذه نزغة منافق.
والمعنى: من يعيبك في قسم الصدقات. وضمير ومنهم للمنافقين، والكاف للرسول. وهذا الترديدين الشرطين يدل على دناءة طباعهم ونجاسة أخلاقهم، وإن لمزهم الرسول إنما هو لشرههم في تحصيل الدنيا ومحبة المال، وأن رضاهم وسخطهم إنما متعلة العطاء. والظاهر حصول مطلق الإعطاء أو نفيه. وقيل: التقدير فإن أعطوا منها كثيرا يرضوا، وإن لم يعطوا منها كثيرا بل قليلا، وما أحسن مجيء جواب هذين الشرطين، لأن الأول لا يلزم أن يقارنه ولا أن يعتقبه، بل قد يجوز أن يتأخر نحو: إن أسلمت دخلت الجنة، فإنما يقتضي مطلق الترتب. وأما جواب الشرط الثاني فجاء إذا الفجائية، وأنه إذا لم يعطوا فاجأ سخطهم، ولم يمكن تأخره لما جبلوا عليه من محبة الدنيا والشره في تحصيلها. ومفعول رضوا محذوف أي: رضوا ما أعطوه. وليس المعنى رضوا عن الرسول لأنهم منافقون، ولأن رضاهم وسخطهم لم يكن لأجل الدين، بل للدنيا. وقرأ الجمهور: يلمزك بكسر الميم. وقرأ يعقوب وحماد بن سلمة عن ابن كثير والحسن وأبو رجاء وغيرهم: بضمها، وهي قراءة المكيين، ورويت عن أبي عمرو. وقرأ الأعمش: يلمزك. وروى أيضا حماد بن سلمة عن ابن كثير: يلامزك، وهي مفاعلة من واحد. وقيل: وفرق الرسول صلى الله عليه وسلم) قسم أهل مكة في الغنائم استعطافا لقلوبهم، فضج المنافقون.
* (ولو أنهم رضوا ما ءاتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون) *:) * هذا وصف لحال المستقيمين في دينهم، أي رضوا قسمة الله ورسوله وقالوا: كفانا فضل الله، وعلقوا آمالهم بما سيؤتيه الله إياهم، وكانت رغبتهم إلى الله لا إلى غيره. وجواب لو محذوف تقديره: لكان خيرا لهم في دينهم ودنياهم. وكان ذلك الفعل دليلا على انتقالهم من النفاق إلى محض الإيمان، لأن ذلك تضمن الرضا بقسم الله، والإقرار بالله وبالرسول إذ كانوا يقولون: سيؤتينا الله من فضله ورسوله. وقيل: جواب لو هو قوله: وقالوا على زيادة الواو، وهو قول كوفي. قال الزمخشري: والمعنى: ولو أنهم رضوا ما