وحنين. وقيل: ذلك الوقت يلقون البشارة في قلبه، ويصرفون وجوه الكفار عنه. والظاهر أن الضمير عليه عائد على أبي بكر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم) كان ثابت الجأش، ولذلك قال: لا تحزن إن الله معنا. وأن الضمير في وأيده عائد على الرسول صلى الله عليه وسلم) كما جاء: * (لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) * يعني الرسول، وتسبحوه: يعني الله تعالى. وقال ابن عطية: والسكينة عندي إنما هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة لهم، والخصائص التي لا تصلح إلا لهم كقوله: * (فيه سكينة من ربكم) * ويحتمل أن يكون قوله: فأنزل الله سكينته إلى آخر الآية يراد به ما صنعه الله لنبيه إلى وقت تبوك من الظهور والفتوح، لا أن يكون هذا يختص بقصة الغار. وكلمة الذين كفروا هي الشرك، وهي مقهورة. وكلمة الله: هي التوحيد، وهي ظاهرة. هذا قول الأكثرين. وعن ابن عباس: كلمة الكافرين ما قرروا بينهم من الكيد به ليقتلوه، وكلمة الله: أنه ناصره. وقيل: كلمة الله لا إله إلا الله، وكلمة الكفارقولهم في الحرب: يا لبني فلان، ويا لفلان. وقيل: كلمة الله قوله تعالى: * (لاغلبن أنا ورسلى) * وكلمة الذين كفروا قولهم في الحرب: أعل هبل، يعنون صنمهم الأكبر. وقرأ مجاهد وأيده والجمهور وأيده بتشديد الياء. وقرئ: وكلمة الله بالنصب أي: وجعل. وقراءة الجمهور بالرفع أثبت في الإخبار. وعن أنس رأيت في مصحف أبي: وجعل كلمته هي العلياء، وناسب الوصف بالعزة الدالة على القهر والغلبة، والحكمة الدالة على ما يصنع مع أنبيائه وأوليائه، ومن عاداهم من إعزاز دينه وإخماد الكفر.
* (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله ذالكم خير لكم إن كنتم تعلمون) *: لما توعد تعالى من لا ينفر مع الرسول صلى الله عليه وسلم) وضرب له من الأمثال ما ضرب، أتبعه بهذا الأمر الجزم. والمعنى: انفروا على الوصف الذي يحف عليكم فيه الجهاد، أو على الوصف الذي يثقل. والخفة والثقل هنا مستعار لمن يمكنه السفر بسهولة، ومن يمكنه بصعوة ب، وأما من لا يمكنه كالأعمى ونحوه فخارج عن هذا. وروي أن ابن أم مكتوم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال: أعلي أن أنفر؟ قال: نعم، حتى نزلت: * (ليس على الاعمى حرج) * وذكر المفسرون من معاني الخفة والثقل أشياء لا على وجه التخصيص بعضها دون بعض، وإنما يحمل ذلك على التمثيل لا على الحصر. قال الحسن وعكرمة ومجاهد: شبابا وشيوخا. وقال أبو صالح: أغنياء وفقراء في اليسر والعسر. وقال الأوزاعي: ركبانا ومشاة. وقيل: عكسه. وقال زيد بن أسلم: عزبانا ومتزوجين. وقال جويبر: أصحاء ومرضى. وقال جماعة: خفافا من السلاح أي مقلين فيه، وثقالا أي مستكثرين منه. وقال الحكم بن عيينة وزيد بن علي: خفافا من الإشغال وثقالا بها. وقال ابن عباس: خفافا من العيال، وثقالا بهم. وحكى التبريزي: خفافا من الأتباع والحاشية، ثقالا بهم. وقال علي بن عيسى: هو من خفة اليقين وثقله عند الكراهة. وحكى الماوردي: خفافا إلى الطاعة، وثقالا عن المخالفة. وحكى صاحب الفتيان: خفافا إلى المبارزة، وثقالا في المصابرة. وحكى أيضا: خفافا بالمسارعة والمبادرة، وثقالا بعد التروي والتفكر. وقال ابن زيد: وقال ابن زيد: ذوي صنعة وهو الثقيل، وغير ذوي صنعة وهو الخفيف. وحكى النقاش: شجعانا وجبنا. وقيل: مهازيل وسماتا. وقيل: سباقا إلى الحرب كالطليعة وهو مقدم الجيش، والثقال الجيش بأسره. وقال ابن عباس وقتادة: النشيط والكسلان. والجمهور على أن الأمر موقوف على فرض الكفاية، ولم يقصد به فرض الأعيان. وقال الحسن وعكرمة: هو فرض على المؤمنين عنى به فرض الأعيان في تلك المدة، ثم نسخ بقوله: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * وانتصب خفافا وثقالا على الحال. وذكر بأموالكم وأنفسكم إذ ذلك وصف لأكمل ما يكون من