تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٦١
المؤلفة: سعيد بن يربوع، والعباس بن مرداس، وزيد الخيل، وعلقمة بن علانة، وأبو سفيان الحرث بن عبد المطلب، وحكيم بن حزام، وعكرمة بن أبي جهل، وسعيد بن عمرو، وعيينة بن حصن. وحسن إسلام المؤلفة حاشا عيينة فلم يزل مغموصا عليه.
وأما قوله وفي الرقاب فالتقدير: وفي فك الرقاب فيعطي ما حصل به فك الرقاب من ابتداء عتق يشتري منه العبد فيعتق، أو تخليص مكاتب أو أسير. وقال النخعي، والشعبي، وابن جبير، وابن سيرين: لا يجزئ أن يعتق من الزكاة رقبة كاملة، وهو قول أصحاب أبي حنيفة والليث والشافعي. وقال ابن عباس وابن عمر: أعتق من زكاتك. وقال ابن عمر والحسن وأحمد وإسحاق: يعتق من الزكاة، وولاؤه لجماعة المسلمين لا للمعتق. وعن مالك والأوزاعي: لا يعطي المكاتب من الزكاة شيئا، ولا عبد كان مولاه موسرا أو معسرا. وعن ابن عباس والحسن ومالك: هو ابتداء العتق وعون المكاتب بما يأتي على حريته. والجمهور على أن المكاتبين يعانون في فك رقابهم من الزكاة. ومذهب أبي حنيفة وابن حبيب: أن فك رقاب الأساري يدخل في قوله: وفي الرقاب، فيصرف في فكاكها من الزكاة. وقال الزهري: سهم الرقاب نصفان: نصف للمكاتبين، ونصف يعتق منه رقاب مسلمون ممن صلى.
والغارم من عليه دين قاله: ابن عباس، وزاد مجاهد وقتادة: في غير معصية ولا إسراف. والجمهور على أنه يقضي منها دين الميت إذ هو غارم. وقال أبو حنيفة وابن المواز: لا يقضى منها. وقال أبو حنيفة: ولا يقضي منها كفارة ونحوها من صنوف الله تعالى، وإنما الغارم من عليه دين يحبس فيه. وقيل: يدخل في الغارمين من تحمل حمالات في إصلاح وبر وإن كان غنيا إذا كان ذلك يجحف بماله، وهو قول الشافعي وأصحابه وأحمد.
وفي سبيل الله هو المجاهد يعطي منها إذا كان فقيرا. والجمهور على أنه يعطي منها وإن كان غنيا ما ينفق في غزوته. وقال الشافعي، وأحمد، وعيسى بن دينار، وجماعة: لا يعطي الغني إلا إن احتاج في غزوته، وغاب عنه وفره. وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يعطي إلا إذا كان فقيرا أو منقطعا به، وإذا أعطي ملك، وإن لم يصرفه في غزوته. وقال ابن عبد الحكم: ويجعل من الصدقة في الكراع والسلاح وما يحتاج إليه من آلات الحرب وكف العدو عن الحوزة، لأنه كله من سبيل الغزو ومنفعته. والجمهور على أنه يجوز الصرف منها إلى الحجاج والمعتمرين وإن كانوا أغنياء. وقال الزمخشري: وفي سبيل الله فقراء الغزاة، والحجيج المنقطع بهم انتهى.
والذي يقتضيه تعداد هذه الأوصاف أنها لا تتداخل، واشتراط الفقر في بعضها يقضي بالتداخل. فإن كان الغازي أو الحاج شرط إعطائه الفقر، فلا حاجة لذكره لأنه مندرج في عموم الفقراء، بل كل من كان بوصف من هذه الأوصاف جاز الصرف
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»